للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَرْنَ مِائَةٌ.

وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ لِلْعُلُوِّ أَيْضًا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ رُؤْيَتِهِ فِي الْمَنَامِ الْأَذَانَ، وَأَعْلَمَهُ بِأَلْفَاظِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ، قَالَ لَهُ: (أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ) ، وَلَمْ يُلْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ.

وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ سَمِعَ عَنْ عَائِشَةَ بَعْضَ الْأَحَادِيثِ: (لَوْ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لَدَخَلْتُ حَتَّى تُشَافِهَنِي بِهِ) .

وَكَذَا مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ لَهُ اسْتِحْبَابُ الرِّحْلَةِ ; إِذْ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى النَّازِلِ - كَمَا قَالَ الْخَطِيبُ - إِبْطَالٌ لَهَا وَتَرْكُهَا، وَقَدْ رَحَلَ خَلْقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا إِلَى الْأَقْطَارِ الْبَعِيدَةِ طَلَبًا لِلْعُلُوِّ كَمَا قَدَّمْنَا.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (وَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ يَرْحَلُونَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْ عُمَرَ وَيَسْمَعُونَهُ مِنْهُ) .

وَهَذَا كُلُّهُ شَاهِدٌ لِتَفْضِيلِ الْعُلُوِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، بَلْ لَمْ يَحْكِ الْحَاكِمُ خِلَافَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُكْتَفَى بِسَمَاعِ النَّازِلِ مَعَ وُجُودِ الْعَالِي، وَقَدْ حَكَى الْخَطِيبُ فِي الِاكْتِفَاءِ وَعَدَمِهِ مَذْهَبَيْنِ، وَذَكَرَ مِنْ أَدِلَّةِ الْأَوَّلِ قَوْلَ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَيْسَ كُلُّنَا كَانَ يَسْمَعُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ لَنَا ضِيَاعٌ وَأَشْغَالٌ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَكْذِبُونَ يَوْمَئِذٍ، فَيُحَدِّثُ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) .

وَقَوْلَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: كُنَّا نَكُونُ فِي مَجْلِسِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ فَنَسْمَعُ رَجُلًا يُحَدِّثُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>