(إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم)(١٠٤)
المعنى الإجمالي:
بعد أن بينت الآية السابقة الدعوى الغبية للكفار بأن أعجميا يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن، جاءت هذه الآية لترد على تساؤل مفاده: هؤلاء الكفار ليسوا أغبياء كل هذا الغباء، فلماذا يحتجون بحجة وهم يعلمون أنها سخيفة؟ فجاء الجواب بأن ذلك بسبب الجحود.
المعنى التفصيلي:
- (إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله) ولكن السؤال: أليس كل كافر اهتدى كان لا يؤمن بآيات الله؟!
الجواب عن هذا أن هؤلاء صنف لا يؤمن بآيات الله - سبحانه وتعالى - جحودا وعنادا بعدما تبين لهم الحق، قال تعالى (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون)(الأنعام: ١١٠) وقال تعالى (قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ... )(مريم: ٧٥)، وقال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين)(الصف: ٥) وقد سبق الكلام على مثل هذا في غير موضع في هذه السورة، وعلى سبيل المثال عند قوله تعالى (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين)(٣٧)
- إضلال الله - سبحانه وتعالى - لمن اختار الضلال أكيد، وهذا ما جاء مؤكدا بحرف التوكيد "إن"(إن الذين).
- التعبير بالاسم الموصول (الذين) للتشهير بهم بما يدل عليه الاسم الموصول في هذا السياق.
- (ولهم عذاب أليم) أي في الآخرة. وقدم الجار والمجرور (لهم)، علما بأن المبتدأ نكرة موصوفة يجوز الابتداء بها، ولكن قدم الجار والمجرور زيادة في تهديد هؤلاء الجاحدين، أي أن العذاب الأليم لهم هم، فليعلموا.
- يستفاد من هذه الآية أن من يعتدي على دين الله بعد أن يتبين له الحق فإنه اختار بذات نفسه طريقا لا رجعة فيه؛ لأن الله لا يهدي من أراد الضلالة عن علم ومعرفة، ولكن كم ممن عادى الإسلام وهداه الله سبحانه وتعالى؛ ليتبين من هدايته أن معادته للإسلام كانت بسبب عدم اكتمال صورة الحقيقة عنده، فلما اكتملت عنده توجه بنفسه وقلبه إلى الله جل في علاه.