للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم) (٤٧)

المفردات:

- تخوف: خوف، أو تنقص (وللتوضيح انظر المعنى التفصيلي)

المعنى الإجمالي:

وتكمل الآية سياق تهديد الكفار بالعذاب، وتهددهم بنوع جديد من العذاب، وهو العذاب مع الرعب.

ولكن الله سبحانه وتعالى لم يوقع العذاب الشامل بكفار قريش ومن عاصرهم؛ لأنه رؤوف رحيم.

المعنى التفصيلي:

- (يأخذهم) تقدم الكلام في الآية السابقة على دلالة هذا التعبير القرآني.

- (على تخوف) التعبير بحرف الجر (على) يدل على تمكن عذاب الله من الكفار، فإذا وقع بهم فإنهم لن يفلتوا منه، بل هو محيط بهم أيما إحاطة!

- (تخوف) له معنيان:

المعنى الأول من الخوف، أي: يصيب الكفار الرعب قبل إيقاع العذاب بهم عن طريق إهلاك قوم قبلهم، أو عن طريق مشاهدتهم للصواعق والزلازل قبل وقوع العذاب، وهذا التخوف فيه عذاب وزيادة؛ لأن فيه زيادة رعب وخوف.

والمعنى الثاني: وهو التنقص، أي: أن يأخذهم العذاب بشكل تدريجي، بأن يصيبهم المرض المهلك، فيموتوا بشكل تدريجي، أو يصيبهم القحط فيهلكوا بشكل تدريجي، وهذا الهلاك التدريجي فيه العذاب وزيادة، لأنه فيه زيادة رعب وخوف.

والمعنيان واردان في تفسير كلمة (تخوف).

- ولكن لماذا لم يوقع الله على من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من قريش ومن عاصرهم، لماذا لم يوقع الله سبحانه عليهم العذاب الشامل على اختلاف أنواعه المذكورة في هذه الآيات؟

والجواب عن هذا بقوله تعالى (فإن ربكم لرءوف رحيم)؛ أي؛ لأن الله رؤوف رحيم لم يوقع العذاب الشامل بكفار هذه الأمة.

- (فإن ربكم لرءوف رحيم) وفي هذا الآية تأكيد بـ (إن) وباللام (لرؤوف) وفي هذا دلالة على عظيم هذه النعمة، فلو تصورنا أن الله سبحانه وتعالى آخذ الناس بظلمهم وكفرهم، لعلمنا عظم فضل الله سبحانه!

- جاء التعبير بـ (فإن ربكم) بدل " إن الله " أو ما في معناه؛ لأن من معاني الرب المدبر لأمر عباده والراعي لشؤونهم، وفي إمهال الكفار وتأخير إيقاع العذاب بهم منتهى التدبير لمصلحتهم. فسبحان ربنا ما أرأفه وأرحمه!

- قال تعالى: (فإن ربكم لرءوف رحيم) فما الفرق بين الرأفة والرحمة؟

الرأفة أرق من الرحمة، فقد يكون الأمر المكروه للمصلحة رحمة، كأن تقطع يد المريض لعلاجه، ويسمى هذا رحمة لا رأفة.

ولكن الرأفة لا تكون في المكروه ولو كان مصلحة، قال تعالى (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (النور: ٢) فجلد الزاني فيه مصلحة، ولكن الرأفة تمنع من جلده رغم المصلحة، فنهانا الله عن ترك الجلد لأجل الرأفة، لأن هذا الجلد - ولو كان شديدا - فيه مصلحة.

- ولكن لماذا قدم ذكر الرأفة على الرحمة في الآية (لرءوف رحيم)؟

قدم ذكر الرأفة على الرحمة؛ لأن الرأفة تكون في دفع المكروه، والرحمة تكون في إيصال الخير، فقدمت الرأفة على الرحمة؛ لأن السلامة أولا ثم الغنيمة.

<<  <   >  >>