(فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) (٧٤)
المفردات:
- تضربوا: تجعلوا.
- الأمثال: جمع: مثل، وهو الصفة.
المعنى الإجمالي:
تبين هذه الآية بعد بيان الآيات السابقة أنه سبحانه وتعالى مستحق للعبادة وحده، وأنه المنعم والمتفضل وحده، فإنه لا يجوز لنا أن نجعل لله مماثلا أو شبيها، كما جعل المشركون الأصنام آلهة تعبد عندهم.
المعنى التفصيلي:
- الفاء في (فلا تضربوا) للتفريع، أي أن النهي عن ضرب الأمثال لله متفرع ومبني على ما قررته الآيات السابقة من أنه سبحانه الخالق وحده والمنعم وحده، وأنه الإله الحق، وبناء على هذا فلا يجوز أن نضرب لله الأمثال.
- (فلا تضربوا لله الأمثال) الأمثال، جمع: مثل، وهو الصفة، قال تعالى (ولله المثل الأعلى) (النحل:٦٠) أي ولله الصفة العليا، أما الكفار فلهم صفة السوء (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء) (النحل: ٦٠).
ولكن ما معنى "ضرب له مثلا"؟
معنى "ضرب له مثلا" أي: وصفه بصفات معينة، وهذا معنى قوله تعالى (فلا تضربوا لله الأمثال) أي لا تصفوا الله بصفات من تلقاء أنفسكم، حيث وصف الكفار الله سبحانه وتعالى بأنه ليس واحدا بل له شركاء، وهؤلاء الشركاء هم الأصنام التي يعبدونها.
ومما ضربه الكفار من الصفات لله: أن الله يقرب العباد عن طريق الأصنام (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) ولكن هذا محض افتراء من كاذب كفار (إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) (الزمر: ٣)
- الخطاب بداية موجه للكفار الذين وصفوا الله بما لا يجوز من الأبوة والشريك وغير ذلك، وهو عام لكل مخاطب بالقرآن من الثقلين.
- في الآية التفات من الغيبة (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون) (٧٣) إلى الخطاب (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) (٧٤) وسبب الالتفات أن أسلوب الخطاب أبلغ في مقام الأمر والنهي؛ لأنه يختصر المسافات الذهنية، ويكون مباشرا وقويا، بينما جاء سابقا الإخبار بأسلوب الغيبة؛ للإعراض عن الكفار بسبب ما هم فيه من الضلال.
- قدم الجار والمجرور (لله) في قوله تعالى (فلا تضربوا لله الأمثال)؛ للتركيز على أن ضرب الأمثال الذي يقع فيه الكفار ليس متعلقا بأي أحد، إنما هو متعلق بالله جل وعلا، فليأخذ الضاربون حذرهم مضاعفا مضاعفة تليق بما يخص الله سبحانه وتعالى.
- وبناء على قوله تعالى (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، إما بما جاء في القرآن أو بما جاء على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
- لم يأت النص " الله يعلم ولا تعلمون" بل جاء مؤكدا بـ "إن" والضمير "أنتم" (إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون)، ولكن ما وجه التأكيد بالضمير "أنتم"؟
وجه التأكيد بالضمير "أنتم" هو: إن قولنا في غير التنزيل "لا تعلمون" يعني أن الكفار المشركين لا يعلمون، بينما (أنتم لا تعلمون) مشعر بأن الذين لا يعلمون "أنتم" فقط، أي: أنتم بالذات والتحديد من لا يعلم، فكيف تصفون الله وأنتم بالذات أبعد الناس عن العلم بالله.