(ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون) (٢٥)
المفردات:
- أوزار: جمع وزر، والوزر: الثقل، ويعبر به عن الإثم.
المعنى الإجمالي:
لما قال الكفار عن كلام الله - سبحانه وتعالى - أساطير الأولين إنكارا واستكبارا، وجب عليهم أن يحملوا آثامهم وآثام من اتبعهم يوم القيامة، ليكونوا من أهل الجحيم، فساء ما كسبوه من الآثام.
المعنى التفصيلي:
- اللام في قوله تعالى (ليحملوا) هي لام العاقبة، وليست لام التعليل، فبسبب كفرهم ستكون عاقبتهم العذاب، وليس كفروا كي يعذبوا، ومن أمثلة لام العاقبة في القرآن (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) (القصص: ٨) فآل فرعون ما التقطوا موسى عليه السلام كي يكون لهم عدوا، وإنما كان عاقبة التقاطهم أنه أصبح لهم عدوا، فلام العاقبة هي لام النتيجة.
- الوزر هو الثقل، وعبر به - هنا - عن الإثم؛ لأنه ثقيل على صاحبه.
- لو جاء التعبير بـ " ليحملوا وزرهم " لدل على جنس الوزر، ولكن جاء مجموعا (أوزارهم) ليدل على تكثير آثامهم، وعلى عظمها، قال تعالى (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) (العنكبوت: ١٣).
- التعبير (ليحملوا أوزارهم) يدل على أنهم سيحملون أوزارهم كاملة غير منقوصة، فلماذا ذكرت (كاملة) في قوله تعالى (ليحملوا أوزارهم كاملة)؟
ذكرت لأن السياق سياق تهديد، والتأكيد باللفظ تأكيد على المعنى، والتأكيد في سياق التهديد زيادة في الوعيد.
وأيضا في ذكر (كاملة) إشارة إلى أنه لا يغفر من ذنوب الكفار شيء، لا بسبب مرض ولا هم ولا غم ولا مصيبة، فآثامهم التي اكتسبوها ستبقى كما هي كاملة غير منقوصة، وهذا أيضا من باب زيادة الوعيد.
- وجاء التعبير بـ (من) في قوله تعالى (ومن أوزار الذين يضلونهم) ليدل على التبعيض، أي أن الكفار يحملون آثامهم كاملة، بينما يحملون بعض آثام من يضلونهم؛ لأن آثام الذين أضلوا ليست كلها بسبب هؤلاء الكفار؛ فبعضها بسبب هذا الإضلال المذكور وبعضها بسبب اكتسابهم المستقل.
- جاء التعبير بالفعل المضارع (يضلونهم) وليس " أضلوهم " إشارة إلى أن إضلال الكفار لغيرهم متجدد، لأن الفعل المضارع يدل على التجدد.
- قال بعض المفسرين: معنى (بغير علم) أي أنهم لا يعلمون أن هذه الطريق طريق ضلال.
ولكن المعنى غير ذلك؛ لأنه لو كان معنى (بغير علم) أي أنهم لا يعلمون أن هذه الطريق طريق ضلال؛ فلماذا يعاقب الله قوما لم يبلغهم العلم؟!
ولكن المقصود في العلم هنا هو علم الحق، فهؤلاء المضلون أضلوا غيرهم بناء على الكفر والجحود، وليس بناء على اجتهاد مبني على علم الحق.
وذكر بعض المفسرين أن (بغير علم) حال من الفاعل، وذكر بعضهم أنه حال من المفعول، وذكر بعضهم الأمرين.
والظاهر أن (بغير علم) حال من الفاعل، أي حال المضلين أنهم يضلون غيرهم (بغير علم)، وليس حالا من المفعول، أي ليس من أضلوا أضلوا (بغير علم)، وإن كان الضالين والمضلين ليس عندهم العلم، ولكن المقصود به في هذا السياق هم المضلون؛ لأن السياق يتحدث عنهم وهذا أولا، فالحديث عنهم لأنهم هم من يحملون أوزارهم وأوزار غيرهم، وهو أولى بأن يوصف بـ (بغير علم) ممن جاء تبعا في الذكر.
وثانيا لو قلنا في الصالحين "لهم حسناتهم وحسنات من يرشدونهم بعلم " فهنا "بعلم" حال للمرشدين لا المرشدين؛ لأن سياق الحديث عن المرشدين.
- جاء التعبير بـ (ألا) في قوله تعالى (ألا ساء ما يزرون) للتأكيد؛ لأن (ألا) حرف تنبيه يفيد تحقق ما بعده، فهو توكيد على بشاعة ما يحملونه من الأثقال.