أولا: قوله تعالى) وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين (وما بعدها
فعن أبي بن كعب قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستة فيهم حمزة فمثلوا بهم.
فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم قال فلما كان يوم فتح مكة فأنزل الله تعالى) وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين (
فقال رجل: لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفوا عن القوم إلا أربعة.
رواه (الترمذي: ٣٠٥٤) و (أحمد (زوائد ابنه عبد الله)، رقم: ٢١٢٢٩) بسند حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي بن كعب. ورواه أيضا ابن حبان في (صحيحه ج٢/ص٢٣٩) ومن طريقه رواه الحاكم في (المستدرك على الصحيحين ج٢/ص٤٨٤) ورواه غيرهم.
ثانيا: قوله تعالى (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم)(النحل: ١١٠)، لما روى الطبري في تفسيره (ج٢٠/ص١٣٣) بسند صحيح عن ابن عباس قال:
كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بإسلامهم، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم فأصيب بعضهم وقتل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم ... )(النساء: ٩٧) إلى آخر الآية.
قال: فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية: أن لا عذر لهم، فخرجوا فلحقهم المشركون، فأعطوهم الفتنة، فنزلت فيهم هذه الآية (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ... )(العنكبوت: ١٠) إلى آخر الآية، فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا وأيسوا من كل خير، ثم نزلت فيهم (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم)
فكتبوا إليهم بذلك: إن الله قد جعل لكم مخرجا، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.