الأول فيمن سلم من القضاء الجاري فعصم عن الجواري في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذا أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض أنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه فقال واحد منهم اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز فذهب وتركه وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقراً وراعيها وأنه أتاني يطلب أجره فقلت أعمد إلي تلك البقر فسقها. فقال لي عندك فرق من أرز. فقلت له أعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساخت عنهم الصخرة، فقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان كبيران وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عنهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء، فقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم من أحب الناس إلي وإني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت عليها فأتيتها بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها.
فلما قعدت بين رجليها قالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركت المائة دينار فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ففرج الله عنهم فخرجوا.
وحكى أن رجلاً افتتن براهبة فتسور إليها وراودها فلم تمكنه إلا بعد جهد، فلما قدر عليها جعلت يدها في مجمرة فاحترقت. فقال لأي شيء فعلت هذا؟ قالت خفت أن أشاركك في اللذة فأشاركك في المعصية فحلف لا يعصي الله بعدها وتاب.
وحكى أن رجلاً عشق جارية فزاد حبه لها ولم يتمكن منها وأن أهلها أرسلوها لحاجة فتبعها وراودها. فقالت إني أحب لك منك لي، ولكني أخاف الله. فقال أتخافينه ولا أخافه، ورجع فناله عطش كاد أن يأتي عليه، فلقيه رسول لبعض الأنبياء فشكا ذلك إليه فقال له هلم ندعو الله أن تظلنا سحابة حتى نصل القرية. قال ليس لي عمر فقال الرسول أنا أدعو وأنت آمن وفعلا فأظلتهما سحابة حتى انتهيا إلى القرية فدعاه الرسول إلى بيته فتبعتهما السحابة. فقال له تقول ما لي عمل وقد تبعتك أخبرني ما فعلت فأخبره فقال إن التائب عند الله أحسن من العابد.
وحكى أن عمر بن عبد العزيز عشق جارية لزوجته فاطمة بنت عبد الملك وزاد فيها غرامه فطلبها منها فأبت عليه، فلما أفضت إليه الخلافة زينتها بأنواع الزينة، ثم قالت يا أمير المؤمنين قد كنت أمسكت هذه عنك والآن فقد وهبتا لك فسر بها سروراً بالغاً. ثم قال اخلعي ثيابك فحين همت أجلسها، ثم قال لها من أين جيء بك في الأصل قالت اغتصب الحجاج مال عامل فاصطفاني منه وأرسلني لعبد الملك فوهبني لأبنته فقال أحي هو؟ قالت لا. قال هل له ورثة؟ قالت ولد، فأحضره وأمره أن يذكر ما أغرم الحجاج أباه وأعطاه عمر رضي الله عنه ذلك الجارية وقال له احذر أن يكون أبوك نالها. فقال هي لك يا أمير المؤمنين فأبى فقال أتبيعها؟ فأبى، فقالت الجارية أين وجدك بي؟ قال قد زاد ولكني أنهي النفس عن الهوى وحكى أن امرأة كانت في بني إسرائيل قد حازت ثلث الحسن، وكانت لا تمكن من نفسها إلا بمائة دينار، فأعجبت شخصاً فمضى فجمع مائة دينار وجاء إليها فقالت ادفعها إلى الجهبذ يعني الناقد ففعل، فلما نقدها تهيأت وجلست على سرير من ذهب فحين تمكنها منها أخذته الرعدة فقالت خل عنك ولك المائة فقال أجبتك.
فجمعت المال وجاءت به وقالت لئن صدقت فليس لي زوج غيرك فخرج فباعت متاعها وجاءته فحين رآها شهق شهقة فمات. فقالت أما هذا فقد مات فهل له أحد قالوا أخ فتزوجت به إكراماً له. قال ابن عباس فجاء منها سبعة أنبياء.