للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم بكى حتى أغمي عليه فحمل ومات بعد ثلاث ودفن إلى جانبها وكان ذلك في سنة وله أشعار كثيرة منها حكاه الشهاب في منازل الأحباب عن أبي العباس على تردد في أنه لابن الدمينة.

وفي عروة العذري إن مت أسوة ... وعمرو بن عجلات الذي قتلت هند

وبي مثل ما قد نابه غير أنني ... إلى أجل لم يأتني وقته بعد

وفيض دموع العين بالليل كلما ... بدا علم من أرضكم لم يكن يبدو

ومنها:

لقد عنيتني يا حب لبنى ... فقع إما بموت أو حياة

فإن الموت أيسر من حياة ... منغصة لها طعم الشتات

وقال الآمرون تعز عنها ... فقلت ولا إذا حانت وفاتي

ومنها:

ما وجدت وجدي بها أم واحد ... ولا وجد النهدي وجدي على هند

ولا وجد العذري عروة في الهوى ... كوجدي ولا من كان قبلي ولا بعدي

ومنها:

لو أن امرأ أخفي الهوى عن ضميره ... لمت ولم يعلم بذاك ضمير

ولكن سألقي الله والنفس لم تبح ... بسرّك والمستخبرون كثير

ومنها:

عفا سرف من أهله فشوارع ... فجنبا أريك فالبلاد الدواقع

فمكة فالأخياف أخياف طيبة ... بها من لبينى مخرف فمرابع

لعلّ لبينى أن يحم لقاؤها ... ببعض بلادي إن ما حم واقع

بجذع من الوادي خلا عن أنيسه ... عفا وتخطته العيون الجوازع

ولما بدا منها الفراق كما بدا ... بظهر الصفا الصلد الشقوق الشوائع

تمنيت أن تلقي لبيناك والمنى ... تعاصيك أحياناً وحيناً تطاوع

وما من حبيب وامق لحبيبه ... ولاذى هوى الإله الدهر فاجع

وطار غراب البين وانشقت العصا ... لبين كما شق الأديم الصواقع

ألا يا غراب البين قد طرت بالذي ... أحاذر من لبنى فهل أنت واقع

وأنك لو أبلغتها قيلي اسلمي ... طوت حزناً وارفض منها المدامع

أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت كآت غيه وهو طائع

فلا تبكين في اثر شيء ندامة ... إذا نزعته عن يديك النوازع

فليس لأمر حاول الله جمعه ... مشت ولا ما فرّق الله جامع

كأنك لم تقنع إذا لم تلاقها ... وإن تلقها فالقلب راض وقانع

فيا قلب خبرني إذا شطت النوى ... بلبنى وصدت عنك ما أنت صانع

أتصبر للبين المشت مع الجوى ... أم أنت امرؤ ناسي الحياة فجازع

فما أنا إن بانت سليمى بهاجع ... إذا ما استقلت بالنيام المضاجع

وكيف ينام المرء مستشعر الجوى ... ضجيع الأسى فيه نكاس روادع

فلا خير في الدنيا إذا لم تزورنا ... لبينى ولم يجمع لنا الشمل جامع

أليست لبينى تحت سقف يكنها ... وإياي هذا إن نأت لي نافع

ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا ... ونبصر ضوء الصبح والفجر ساطع

تطأ تحت رجليها بساطاً وبعضه ... أطأه برجلي ليس يطويه مانع

وافرح أن تمسي بخير وإن يكن ... بها الحدث العادي ترعني الروائع

كأنك بدع لم تر الناس قبلها ... ولن يطلعنك الدهر فيمن يطالع

وقد كنت أبكي والنوى لا أظنه ... بنا وبكم لم ندر ما البين صانع

وأهجركم هجر البغيض وحبكم ... على كبدي منه كلوم صوادع

فواكبدي من شدة الشوق والأسى ... وواكبدي إني إلى الله راجع

واعجل للاشفاق حتى يشفني ... مخافة شحط الدار والشمل جامع

واعمد للأرض التي من ورائكم ... لترجعني يوماً إليك الرواجع

فيا قلب صبراً واعترافاً لما ترى ... ويا حبها قع بالذي أنت واقع

<<  <   >  >>