للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجرجاني والحاكم في التاريخ بضعف سويد وتفرده به ورواه ابن الجوزي مرفوعاً وأبو محمد بن الحسين موقوفاً وأخرج الخطيب عن عائشة رفعه أيضاً وحاصل الأمر ما صحته أو حسنه والجواب عن تفرد سويد المنع بوروده عن غيره وحكايته تحديثاً وكونه قبل عماه فلا تدليس وإذ قد ثبت فهو شاهد بما قلناه لأن غاية الغايات دخول الجنة وهو مستلزم لرضا الله الذي لا مطلب أعلى منه وقد جعلت مقدمة هذا المطلب العالي العفة وهي مذهب الحكماء بل أساس الحكمة وهي كما صرح به المعلم ثمرة الأصل الطاهر لأن أعلى الخلق الرضا والمزاج المعتدل ومنا الكتم وهي ثمرة المروأة والشهامة وكلاهما مستلزم علو النفس وصحة المزاج فقد اتضح ما قلناه. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعجب من شاب لا صبوة له ووجهه الاعجاب القدرة على حكم زمام النفس وزجرها مع تركيب الشهية وتوفر الدواعي وما تكلفه في الأصل من أن المواد بالإعجاب أثره واضح لا يحتاج إليه لأنه وما شاكله من الرحمة التي هي رقة القلب لا تكون إلا لذي المزاج ولما علم بالضرورة تنزهه عن الأجسام والأعراض علم برؤه من لوازمها فما وقع مما يوهم شيئاً فالمراد لازمه ولصحة هذا الحديث واشتهاره بين الأكابر جاء تضمينه في أشعارهم كثيراً فمن ألطف ما قيل في ذلك قول ابن الصائغ: والحاكم في التاريخ بضعف سويد وتفرده به ورواه ابن الجوزي مرفوعاً وأبو محمد بن الحسين موقوفاً وأخرج الخطيب عن عائشة رفعه أيضاً وحاصل الأمر ما صحته أو حسنه والجواب عن تفرد سويد المنع بوروده عن غيره وحكايته تحديثاً وكونه قبل عماه فلا تدليس وإذ قد ثبت فهو شاهد بما قلناه لأن غاية الغايات دخول الجنة وهو مستلزم لرضا الله الذي لا مطلب أعلى منه وقد جعلت مقدمة هذا المطلب العالي العفة وهي مذهب الحكماء بل أساس الحكمة وهي كما صرح به المعلم ثمرة الأصل الطاهر لأن أعلى الخلق الرضا والمزاج المعتدل ومنا الكتم وهي ثمرة المروأة والشهامة وكلاهما مستلزم علو النفس وصحة المزاج فقد اتضح ما قلناه. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعجب من شاب لا صبوة له ووجهه الاعجاب القدرة على حكم زمام النفس وزجرها مع تركيب الشهية وتوفر الدواعي وما تكلفه في الأصل من أن المواد بالإعجاب أثره واضح لا يحتاج إليه لأنه وما شاكله من الرحمة التي هي رقة القلب لا تكون إلا لذي المزاج ولما علم بالضرورة تنزهه عن الأجسام والأعراض علم برؤه من لوازمها فما وقع مما يوهم شيئاً فالمراد لازمه ولصحة هذا الحديث واشتهاره بين الأكابر جاء تضمينه في أشعارهم كثيراً فمن ألطف ما قيل في ذلك قول ابن الصائغ:

سأكتم ما ألقاه يا نور ناظري ... من الأجر كيلا يذهب الأجر باطلا

فقد جاءنا عن سيد الخلق أحمد ... ومن كان براً بالعباد وواصلا

بأن الذي في الحب يكتم وجده ... يموت شهيداً في الفراديس نازلا

رواه سويد عن علي بن مسهر ... فما فيه من شك لمن كان عاقلاً

وماذا كثيراً للذي مات مغرماً ... سقيماً عليلاً بالهوى متشاغلا

وألطف من ذلك ما حكاه التاج السبكي في الطبقات الكبرى عن أبي نواس قال مضيت إلى باب أزهر والمحدثون ينتظرون خروجه فما كان إلا أن خرج وجعل يعظهم واحداً بعد واحد حتى التفت إلي فقال ما حاجتك فقلت:

ولقد كنت رويتم ... عن سعيد عن قتادة

عن سعيد بن المسيب ... أن سعد بن عباده

قال من مات محباً ... فله أجر شهاده

فقال أزهر نعم وذكر الحديث ولأبي نواس أيضاً:

حدثنا الخفاف عن وائل ... وخالد الحذاء عن جابر

ومسعر عن بعض أصحابه ... يرفعه الشيخ إلى عامر

وابن جريج عن سعيد وعن ... قتادة الماضي وعن غابر

قالوا جميعاً أيما طفلة ... علقها ذو خلق طاهر

فواصلته ثم دامت له ... على وصال الحافظ الذاكر

كانت لها الجنة مبذولة ... تمرح في مرتعها الزاهر

وأي معشوق جفا عاشقاً ... بعد وصال ناعم ناضر

ففي عذاب الله مثوى له ... بعداً له من ظالم غادر

<<  <   >  >>