للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سرت في سواد القلب حتى إذا انتهى ... بها السير وارتادت حمى القلب حلت

فللعين تهمال إذا القلب ملها ... وللقلب وسواس إذا العين ملت

ووالله ما في القلب شيء من الهوى ... لأخرى سواها أكثرت أم قلت

ومنها:

ذكرت عشية الصدفين ليلى ... وكل الدهر ذكراها جديد

عليّ ألية إن كنت أدرى ... أينقص حب ليلى أم يزيد

ومنها:

يا ويح من أمسى تخلس عقله ... فأصبح مذهوباً به كل مذهب

خلياً من الخلان إلا معذراً ... يضاحكني من كان يهوى تجنبي

إذا ذكرت ليلى عقلت وأرجعت ... روائع عقلي من هوى متشعب

وقالوا صحيح ما به طيف جنة ... رلا الهم إلا بافتراء التكذب

تجنبت ليلى إذ يلح بك الهوى ... وهيهات كان الحب قبل التجنب

ألا إنما غادرت يا أم مالك ... صدى أينما يذهب به الريح يذهب

ولم أر ليلى بعد موقف ساعة ... بخيف منى ترمي جمار المحصب

وتبدي الحصا منها إذا قذفت بها ... من البرد أطراف البنان المخضب

فأصبحت من ليلى الغداة كناظر ... مع الصبح في أعقاب نجم مغرّب

ومنها:

وإني لمجنون بليلى موكل ... ولست عزوفاً عن هواها ولا جلدا

إذا ذكرت ليلى بكيت صبابة ... لتذكارها حتى يبل البكا الخدّا

ومنها:

ألا يا حمام الأيك مالك باكياً ... أفارقت الفاً أم جفاك حبيب

دعاك الهوى والشوق لم ترنمت ... هتوف الضحى بين الغصون طروب

تجاوب ورقاً قد أذن لصوتها ... فكل لكل مسعد ومجيب

ومنها:

لقد غردت في جنح ليل حمامة ... على إلفها تبكي وإني لنائم

كذبت وبيت الله لو كنت عاشقاً ... لما سبقتني بالبكاء الحمائم

ومنها:

إذا قربت داري كلفت وإن تأت ... أسفت فلا بالقرب أسلو ولا البعد

وإن وعدت زاد الهوى لانتظارها ... وإن بخلت بالوعد مت على الوعد

ففي كل حب لا محالة فرحة ... وحبك ما فيه سوى محكم الجهد

ومنها، وهو كما قال في النزهة من الأشعار التي قيلت على الأوهام قال لما حضروا به في مكة بات ليلة فجعل يحدث نفسه كالذي في النوم ويعاتب امرأة حاضرة فقيل له في ذلك فحلف أن ليلى كانت إلى جانبه في هذا الوقت ثم أنشد:

طرقتك بين مسبح ومكبر ... بحطيم مكة حيث كان الأبطح

فحسبت مكة والمشاعر كلها ... وجبالها باتت بمسك تنفح

ومنها:

لئن نزحت دار بليلى لربما ... عنينا بخير الزمان جميع

وفي النفس من شوقي إليك حرارة ... وفي القلب من وجدي عليك صدوع

وأما قصيدته الموسومة بالمؤنسة فهي أطول قصيدة أنشدها وواظب عليها قيل أنه كان يحفظها دون أشعاره وأنه كان لا يخلو بنفسه إلا وينشدها وهي من محاسن الأشعار وأرقها لفظاً وأعذبها سبكاً وألطفها شجواً وأبلغها نسيباً وغزلاً تهيج الشجون وتعين المحزون وللناس في الاقتصار على بعضها والاستصفاء منها اختلاف كثير أحسنه:

تذكرت ليلى والسنين الخواليا ... وأيام لا أعدى على الدهر عاديا

ويوم كظل الرمح قصرت ظله ... بليلى فلهاني وما كنت لاهيا

فيا ليل كم من حاجة لي مهمة ... إذا جئتكم بالليل لم أدر ماهيا

خليليّ ألا تبكي لي التمس ... خليلاً إذا أنزفت دمعي بكى ليا

فما أشرف الايفاع إلا صبابة ... ولا أنشد الأشعار إلا تداويا

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

لحي الله أقوا ما يقولون إننا ... وجدنا طوال الدهر للحب شافيا

وعهدي بليل وهي ذات مؤصد ... ترد علينا بالعشي المواشيا

فشب بنو ليلى وشب بنو ابنها ... واعلاق ليلى في فؤادي كما هيا

<<  <   >  >>