وَكَانَت هَذِه آخر دفْعَة حَارب فِيهَا العثمانيون والفرنساويون كَتفًا لكتف لتغير الظروف والاحوال حَتَّى اتت حَرْب القرم الاخيرة الَّتِي حصلت فِي اواسط هَذَا الْقرن وحاربت فِيهَا فرنسا وانكلتره مَعَ الدولة الْعلية دولة الروس لَا دفاعا عَن الدولة العثمانية بل لاضعاف الروسيا حَتَّى لَا تتمكن من الِاسْتِيلَاء على بوغاز البوسفور كَمَا سَيَأْتِي مفصلا
ولنذكر هُنَا حَادِثَة شنيعة وَهِي قتل السُّلْطَان لوَلَده الاكبر مصطفى بِنَاء على دسيسة احدى زَوْجَاته الْمُسَمَّاة فِي كتب الافرنج روكسلان اما فِي كتب التّرْك فاسمها خورم أَي الباسمة ذَلِك حَتَّى يتَوَلَّى بعده ابْنهَا سليم ولمالها من الثِّقَة بالصدر الاعظم رستم باشا اذ كَانَ تَعْيِينه بمساعيها لَدَى السُّلْطَان بعد موت اياس باشا وَمَا زَالَت تساعده حَتَّى زوجه السُّلْطَان ابْنَته مِنْهَا فكاشفته بمرغوبها وَهُوَ تمهيد الطَّرِيق لتولي ابْنهَا سليم فانتهز هَذَا الْوَزير فرْصَة انتشاب الْحَرْب بَين الدولة ومملكة الْعَجم فِي سنة ١٥٥٣ وَوُجُود مصطفى ضمن قواد الْجَيْش وَكتب إِلَى بيه بَان وَلَده يحرض الانكشارية على عَزله وتنصيبه كَمَا فعل السُّلْطَان سليم الاول مَعَ ابيه السُّلْطَان بايزيد الثَّانِي فَلَمَّا وصل هَذَا الْخَبَر إِلَى السُّلْطَان وَكَانَت وَالِدَة سليم قد تمكنت من تَغْيِير افكاره نَحوه قَامَ فِي الْحَال قَاصِدا بِلَاد الْعَجم متظاهرا بانه يُرِيد ان يتَوَلَّى قيادة الْجَيْش وَلما وصل إِلَى المعسكر استدعى وَلَده الْمِسْكِين إِلَى سرادقه فِي يَوْم ١٢ شَوَّال سنة ٩٦٠ هـ ٢١ سبتمبر سنة ١٥٥٣ وبمجرد وُصُوله إِلَى الدَّاخِل خنقه بعض الْحجاب المنوطين بتنفيذ مثل هَذِه الاوامر فَقتل رَحمَه الله شَهِيد دسائس زَوْجَة وَالِده وَعدم تثبت ابيه مِمَّا نسب اليه وَكَانَت هَذِه الفعلة الشنعاء نقطة سَوْدَاء فِي تَارِيخ السُّلْطَان سُلَيْمَان الَّذِي اتسعت دَائِرَة السلطنة فِي ايامه وَلَوْلَا دسيسة هَذِه الْمَرْأَة الاجنبية الَّتِي رُبمَا كَانَت مؤجرة لهَذِهِ الْغَايَة لبقي اسْمه لَا تشوبه شَائِبَة ثمَّ نقلت جثة هَذَا الشَّهِيد إِلَى مَدِينَة بورصه ودفنت مَعَ جثث اجداده وَلم تكتف هَذِه الْمَرْأَة البربرية الطباع بقتل مصطفى سُلْطَان بل ارسلت إِلَى مَدِينَة بورصة