وَذَلِكَ مِمَّا لايجعل عِنْد الْمطَالع اقل رِيبَة اَوْ شكّ فِي ان المسالة الشرقية مسالة دينية لَا سياسية كَمَا ادَّعَاهُ ويدعيه الاوروبيون ويغتر بِهِ السذج الْغَيْر المطلعين
وَلما وصل خبر هَذِه الْحَادِثَة إِلَى الاستانة هاج الْمُسلمُونَ على المسيحيين وهموا بقتل الْمُرْسلين الكاتوليك لَوْلَا تدارك الْوَزير مُحَمَّد باشا صقللي الامر بَان حجز هَؤُلَاءِ الْمُرْسلين تَحت الْحِفْظ حَتَّى تعود السكينَة إِلَى ربوعها وَقد اخرجهم بِنَاء على الحاح سفير فرنسا وَلم تقعد هَذِه الْحَادِثَة المشؤمة همه هَذَا الْوَزير بل انتهز فرْصَة الشتَاء وَعدم امكان اسْتِمْرَار الْحَرْب لتشييد دونانمة اخرى وبذل النَّفس والنفيس فِي تجهيزها وتسليحها حَتَّى إِذا اقبل صيف سنة ١٥٧٢ كَانَ قد تمّ استعداد ٢٥٠ سفينة جَدِيدَة وَفِي هَذِه السّنة لم تحصل وقائع بحريّة مهمة لوُقُوع الشقاق بَين القبودان البندقي والقبودان الاسبانيولي حَتَّى ان جمهورية البندقية سعت فِي التَّقَرُّب إِلَى الدولة الْعلية فعرضت عَلَيْهَا الصُّلْح واستمرت بَينهم المخابرات مُدَّة وَفِي ٣ ذِي الْقعدَة سنة ٩٨٠ ٧ مارس سنة ١٥٧٣ تمّ الصُّلْح على ان تتنازل البندقية للدولة عَن جَزِيرَة قبرص وان تدفع لَهَا غَرَامَة حربية قدرهَا ٣٠٠ الف دوكا
اما من جِهَة اسبانيا فقد قصد دون جوان مَدِينَة تونس فِي اواخر سنة ١٥٧٢ واحتلها بِدُونِ مقاومة لارتحال من كَانَ بهَا من العثمانيين عِنْد قدوم السفن الاسبانيولية وتحققهم من أَن الدفاع لَا يجدي نفعا لقلَّة عَددهمْ بِالنِّسْبَةِ للاسبانيول فاحتلها دون جوان واعاد اليها سلطانها مولَايَ حسن الَّذِي التجأ اليهم عِنْد احتلال العثمانيين لبلاده لَكِن لم يلبث الا نَحْو ٨ اشهر لاسترجاعها ثَانِيَة إِلَى املاك الدولة بِمَعْرِِفَة سِنَان باشا فِي اغسطس سنة ١٥٧٥ وَفِي جِهَة بِلَاد البغدان انتصر العثمانيون بعد موقعة هائلة اهرقت فِيهَا الدِّمَاء كالسيول المنهمرة فِي ٩ يونيو سنة ١٥٧٤ على الامير ايوونيا الَّذِي تمرد على الدولة طلبا للاستقلال وصلب جَزَاء عصيانه وعبرة لغيره
وَفِي ٢٧ شعْبَان سنة ٩٨٢ ١٢ دسمبر سنة ١٥٧٤ توفّي السُّلْطَان سليم الثَّانِي وعمره اثْنَيْنِ وَخَمْسُونَ سنة قمرية وَمُدَّة حكمه ثَمَانِي سِنِين و ٥ اشهر وَتُوفِّي عَن سِتَّة اولاد وهم مُرَاد وَمُحَمّد وَسليمَان ومصطفى وجهانكير وَعبد الله وَثَلَاث بَنَات تولى بعده ابْنه السُّلْطَان مُرَاد الثَّالِث