الْقُسْطَنْطِينِيَّة كَمَا اوصى لَهَا بذلك بطرس الاكبر فَلم يصغ وزراء الدولة لندائها لجهل فِي السياسة اَوْ لاسباب اخرى وَلذَلِك تغلبت الروسيا على ستانسلاس واحتلت جنودها مملكة بولونيا باسرها ووزراء الدولة لاهون عَن نتائج هَذِه السياسة الوخيمة الَّتِي رُبمَا كَانَت السَّبَب فِي وُصُول الدولة إِلَى الدرجَة الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْآن
وَلما احست النمسا ان فرنسا تسْعَى وَرَاء التَّحَالُف مَعَ الدولة فَخَشِيت من حُصُول هَذَا الِاتِّفَاق الَّذِي يكون نتيجته عدم نجاح مسعاها مَعَ الروسيا فِي بولونيا اسرعت فِي ارضاء فرنسا فابرمت مَعهَا معاهدة ويانة فِي سنة ١٧٣٥ واخذت فِي التأهب والاستعداد للاشتراك مَعَ الروسيا فِي محاربة الدولة واوعزت إِلَى الروسيا بافتتاح الْقِتَال فاتخذت هَذِه الاخيرة مُرُور بعض قوزاق القرم من اراضيها فِي مارس سنة ١٧٣٦ متجهين إِلَى بِلَاد الكرج لمساعدة الدولة ضد الْعَجم حجَّة لاعلان الْحَرْب واغارت بِكُل قواها على بِلَاد القرم واحتلت مينا آزاق وَغَيرهَا من الثغور البحرية وَهُوَ مَا حدا بالدولة إِلَى ابرام الصُّلْح مَعَ نَادِر شاه بالكيفية الَّتِي سبق شرحها لتتفرغ لصد هجمات الروس
ولحسن حَظّ الدولة كَانَ قد تقلد منصب الصدارة رجل محنك اشْتهر بِحسن السياسة وسمو الادراك وَهُوَ الْحَاج مُحَمَّد باشا فَلم يغْفل طرفَة عين عَن جمع الجيوش وتجهيز المعدات حَتَّى امكنه فِي اقْربْ وَقت ايقاف تقدم الروس الَّذين كَانُوا قد احتلوا إقليم البغدان ودخلوا مَدِينَة باسى عَاصِمَة هَذَا الاقليم وَمن جِهَة اخرى انتصرت الجيوش العثمانية على جيوش النمسا الي اغارت على بِلَاد البوسنة والصرب والفلاخ فانتصر الْمُسلمُونَ فِي الصرب والجاؤوا النمساويين على الْجلاء عَنْهَا تاركين فِي كل مَوضِع قدم حثث رِجَالهمْ وتقهقروا إِلَى مَا وَرَاء نهر الدانوب فِي سنة ١٧٣٧ وَاسْتمرّ الْحَال على هَذَا المنوال مِمَّا تنوسى عَهده فِي الدولة من النَّصْر والفوز على الاعداء حَتَّى طلبت النمسا الصُّلْح بِوَاسِطَة المسيو فلنوف سفير فرنسا فَقبل التَّوَسُّط بِكُل ارتياح وَسَار إِلَى معسكر الصَّدْر الاعظم وَعرض عَلَيْهِ الصُّلْح بالنيابة عَن النمسا فَاشْترط شُرُوطًا مَا كَانَت لتقبلها لَوْلَا انتصار الْمُسلمين على قائدها الشهير وَلَيْسَ فِي يَوْم ٢٣ يوليو سنة ١٧٣٩ فَكَانَ هَذَا الْفَوْز الاخير اكبر مساعد للوصول إِلَى الصُّلْح الَّذِي تمّ بَينهمَا وَبَين الروسيا فِي ١٤ جُمَادَى الْآخِرَة