تقبل بِمَا عرضته عَلَيْهِمَا روسيا فَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ لروسيا ان تصرف الافكار لمراقبة مَا يحدث من النزاع وَالْخلاف بَينهمَا فاذا وَقع ذَلِك فَلَا بُد ان يحصل تَعب للطرفين ويشتبك هَذَا مَعَ الآخر وَفِي ذَلِك الْوَقْت يجب على روسيا ان تنْتَظر الفرصة الْعَظِيمَة وتسوق حَالا معسكراتها المجتمعة اول باول على المانيا فتهجم فِي تِلْكَ الْجِهَات ثمَّ تخرج قسمَيْنِ كليين من السفن احدهما من بَحر ازاق المملوء بالعساكر الوافرة المجتمعة من اقوام الاناضول المتنوعة وَالثَّانِي من ليمان خليج ارخانكل الكائنة فِي الْبَحْر المتجمد الشمالي فتسير هَذِه السفن وتمر فِي الْبَحْر الابيض وَالْبَحْر الْمُحِيط الشمالي مَعَ الاسطول الْمُرَتّب فِي الْبَحْر الاسود وبحر البلطيق وتهجم كالسيل على سواحل فرنسا واما المانيا فانها تكون اذ ذَاك مَشْغُولَة بِحَالِهَا وَبِمَا ذَكرْنَاهُ تصبح المملكتان الواسعتان المذكورتان مغلوبتين على هَذِه الصُّورَة فالقطعة الَّتِي تبقى من اوروبا تدخل بالطبع تَحت الانقياد بسهولة وَبِدُون محاربة وَتصير جَمِيع قِطْعَة اوروبا قَابِلَة لِلْفَتْحِ والتسخير اهـ
وَمَعَ كل هَذَا فقد ارادت الدولة اسْتِدْرَاك مَا فَاتَ واوعزت إِلَى كريم كراي خَان القرم ان يفتح بَابا للحرب فصدع بالامر ولكي يَجْعَل الْحق من جِهَة الدولة احتال على بعض القوزاق التَّابِعين للروسيا حَتَّى اوقعهم فِي حبالة نصبها لَهُم وادت بهم إِلَى التَّعَدِّي على حُدُود الدولة الْعلية والاغارة على احدى المدن التابعة لَهَا وَقتل بعض سكانها فاشهرت الدولة الْحَرْب على الروسيا وافتتحها كريم كراي بَان اغار بخيله وَرجله على اقليم سربيا الجديدة الَّذِي عمرته الروسيا مَعَ ان المعاهدات الَّتِي بَينهَا وَبَين الدولتين وعمرته الروسيا لمنع وُصُول المساعدة من خَان القرم إِلَى بولونيا عِنْد مَسِيس الْحَاجة
وَكَانَت نتيجة اغارة كريم كراي على هَذِه الْولَايَة خراب كثير من المستعمرات الروسية وعودته بِكَثِير من الاسرى وَتُوفِّي قبل ان تَنْتَهِي الْحَرْب