للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رومللي واليس أَي وَالِي الرومللي وَبِمَا أَن هَذِه الرُّتْبَة تخول للحائز عَلَيْهَا حق قيادة الجيوش حَال اشْتِغَال الصَّدْر الاعظم فِي مهام الدولة الاخرى سَار عَليّ باشا فِي ثَمَانِينَ الف مقَاتل لمحاربة اهالي مقدونيا الَّذين ثَارُوا طلبا للاستقلال بِنَاء على ايعاز الروسيا وتغلب عَلَيْهِم بعد محاربات عنيفة وادخلهم كرها فِي طَاعَة الدولة وَكَانَت هَذِه الْخدمَة الجليلة من مُوجبَات زِيَادَة نُفُوذه فداخله الْغرُور وأوجست مِنْهُ الدولة خيفة لما ظهر لَهَا من ميله إِلَى الِاسْتِقْلَال وَلما احس هُوَ بذلك خشِي ان يَنَالهُ اذى مِنْهَا فتحصن فِي بِلَاد ابيروس واخضع لسلطانه من بهَا من الامراء وَصَارَ كحاكم مُسْتَقل بهَا وَسَنذكر مَا حل بِهِ من الدمار جَزَاء نبذه طَاعَة الدولة فِي حِينه

وَلم تكن بِلَاد الرومللي خَالِيَة من الاضطرابات بل وصل اليها شَرّ العصابات المتسلحة وانتشرت فِيهَا ازيد من انتشارها فِي بَاقِي ولايات الدولة باوروبا حَتَّى لم يتَمَكَّن الانكشارية من كبح جماحهم بل فَازَ المفسدون عَلَيْهِم فِي عدَّة وقائع وَصَارَت الْبِلَاد فِي كرب عَظِيم وبلاء شَدِيد وهدد هَؤُلَاءِ الثائرون مَدِينَة ادرنه نَفسهَا مَعَ مناعتها

فاراد السُّلْطَان تجربة الجيوش المنتظمة فِي محاربتهم وارسل فِي سنة ١٨٠٤ آلايا من الاستانة مَعَ فرقة من المدفعية واخرى من الخيالة وَثَلَاثَة الْآيَات من الَّتِي نظمها وَالِي بِلَاد القرمان فَقَامَتْ هَذِه الْجنُود بِمَا عهد اليها خير قيام وَلم تقو العصب على الْوُقُوف امامها كَمَا هُوَ مُحَقّق ومثبوت من ان العسكري المنتظم يُقَاوم عشرَة أَو اكثر من الْغَيْر منتظمين وَبعد قَلِيل طهرت بِلَاد الرومللي من ادران الْفساد وعادت السكينَة إِلَى ربوعها وَرجعت الْجنُود المنتظمة إِلَى الاستانة مكللة بالظفر فانشرح السُّلْطَان من نجاح مَشْرُوع هَذَا النظام الْجَدِيد واغدق عَلَيْهِم العطايا والهبات ثمَّ اصدر فِي شهر مارس سنة ١٨٠٥ امرا ساميا خطّ شرِيف إِلَى جَمِيع الولايات بتركية واوروبا بِجمع جَمِيع الشبَّان من الانكشارية والاهالي الْبَالِغين سنّ الْخَمْسَة وَالْعِشْرين وادخالهم العسكرية وتربيتهم على الننظام الْجَدِيد فَلم يقبل الانكشارية هَذَا الامر واظهروا التمرد وَلذَا ارسل السُّلْطَان إِلَى عبد الرَّحْمَن باشا وَالِي بِلَاد القرمان الَّذِي كَانَ من اكبر المعضدين للاصلاح العسكري ان ياتي إِلَى الاستانة

<<  <   >  >>