بجيوشه المنتظمة ليوجهوا إِلَى الْبِلَاد الَّتِي امْتنع بهَا الانكشارية عَن تَنْفِيذ الامر السلطاني فاتى إِلَى القسطنطينة فِي اوائل سنة ١٨٠٦ وَبعد أَن مكث نَحْو شهر استعرض السُّلْطَان فِي خلاله الْجنُود النظامية سَافر عبد الرَّحْمَن باشا وَجُنُوده قَاصِدا مَدِينَة ادرنه فِي اواسط يوليه من السّنة الْمَذْكُورَة وَلما وصل اليها وجد اللانكشارية ثائرين وابوابها مؤصدة امامه فَعَاد إِلَى الاستانة بعد حُصُول عدَّة وقائع حربية بَينه وَبَين الثائرين وَلما رأى السُّلْطَان امتداد الثورة واتحاد بعض الْعلمَاء والطلبة ضد النظام الْجَدِيد اذعن لمطلب الانكشارية وارجع العساكر النظامية إِلَى ولايات آسيا وعزل الوزراء وَعين اغاة الانكشارية صَدرا اعظم وَمَعَ ذَلِك فَلم تَنْتَهِ هَذِه الْمَسْأَلَة بِسَلام بل جرت بعد قَلِيل إِلَى عزل السطلان كَمَا سَيَجِيءُ
وَفِي غُضُون ذَلِك كَانَت بِلَاد الصرب قَائِمَة قَاعِدَة فِي طلب الِاسْتِقْلَال وحصلت بَين اهلها وَبَين العساكر الشاهانية عدَّة محاربات كَانَ النَّصْر فِيهَا تَارَة لفريق وطورا للفريق الآخر وَاسْتمرّ الْحَال على هَذَا المنوال إِلَى اواخر سنة ١٨٠٦ فَعرض عَلَيْهِم وَالِي اشقودره أَن الْبَاب العالي يمنحهم ادارة مُسْتَقلَّة لَكِن بِمَا أَن اغلب اراضيهم معطاة إِلَى العساكر السباه فَيدْفَع الصربيون تعويضا قدره سِتّمائَة الف فلورين لتوزع على اصحاب الالتزامات بِصفة تعويض على تَركهم التزاماتهم للادارة الصربية فَقبل زعيمهم جورج بتروفتش بذلك لَكِن رفض الْبَاب العالي هَذَا الاقتراح وابى الا ادخالهم فِي طَاعَته كَمَا كَانُوا وَعند ذَلِك انتشب الْحَرْب بَين الدولة الْعلية والروسيا الَّتِي سَيَأْتِي بَيَان اسبابها
هَذَا ولنرجع إِلَى ذكر علاقات الْبَاب العالي وفرنسا والروسيا وانكلترا بعد خُرُوج الفرنساويين من مصر فَنَقُول إِن بونابرت ارسل إِلَى بِلَاد الشرق الجنرال سبستياني لتجديد ربط الِاتِّحَاد والوداد مَعَ الدولة الْعلية فسافر إِلَى الاستانة حَامِلا خطابا من بونابرت إِلَى السدة السُّلْطَانِيَّة وَفِي اثناء اقامته بالاستانة تمكن بمساعيه من عزل اميري الافلاق والبغدان المنحازين للروسيا فعزلا فِي ٥ جُمَادَى الثَّانِي سنة ١٢٢١ ٢٠ اغسطس سنة ١٨٠٦ وَعين بدلهما من المخلصين للدولة الْعلية فسَاء ذَلِك الروسيا وخشيت من امتداد نُفُوذ فرنسا فِي الشرق فَأرْسلت