الْحَقِيقِيَّة لما بذل وَسعه فِي تنظيم جَيش جَدِيد مؤلف من الشبَّان المصريين الَّذين جعل اعْتِمَاده عَلَيْهِم بدل اخلاط التّرْك وتدريبهم على النظام الاوروبي بمساعدة ضباط من الفرنساويين فلهذه المناسبات اصدر السُّلْطَان فرمانا بتاريخ ٥ رَجَب سنة ١٢٣٩ ٦ مارس سنة ١٨٢٤ بِتَعْيِين مُحَمَّد عَليّ باشا واليا على جَزِيرَة كريد واقليم موره وهما بؤرتا هَذِه الثورة
فَلم يسع مُحَمَّد عَليّ باشا الا الاذعان لاوامر متبوعة الْأَعْلَى خوفًا من حمل امْتِنَاعه على الْعِصْيَان والاستقلال الامر الَّذِي مَا كَانَت قواه الحربية تساعده على اتمامه وَفِي الْحَال اصدر اوامره باستعداد سَبْعَة عشر الف جندي كلهم مصريون من المشاة للسَّفر وَعدد من الفرسان والمدفعية وَعين بكر اولاده مخضع الوهابيين وفاتح السودَان قائدا عَاما لهَذِهِ الحملة وارفقه بِسُلَيْمَان بيك هُوَ الكولونيل سيف الَّذِي سبق ذكره الفرنساوي منظم الجيوش ليساعده بمعلوماته العسكرية الَّتِي تحصل عَلَيْهَا اثناء وجوده ضمن جيوش نابوليون الشهيرة بِحسن التَّرْتِيب وَكَمَال النظام
فاستعدت هَذِه الارسالية للسَّفر من ثغر الاسكندرية وابحرت مِنْهُ تَحت قيادة بَطل مصر ابراهيم باشا ١٩ ذِي الْقعدَة سنة ١٢٣٩ ١٦ يوليو سنة ١٨٢٤ على سفن مصرية تكتنفها سفن حربية مصرية ايضا من سفن الدونانمة الَّتِي انشأها مُحَمَّد عَليّ باشا فِي الْبَحْر الابيض لحماية ثغور مصر من هجمات الاعادي كَمَا حصل من الانكليز سنة ١٨٠٧ فسارت السفن باسم الله مجرايها إِلَى جَزِيرَة رودس للاجتماع بالدونانمة العثمانية ثمَّ ترك ابراهيم باشا فِيهَا سُلَيْمَان بك الفرنساوي مَعَ حامية كَافِي من تعدِي الثائرين عَلَيْهَا وَقصد هُوَ جَزِيرَة كريد فاحتلها وَمِنْهَا قَامَ إِلَى سواحل بِلَاد موره يحاول انزال جُنُوده فِيهَا وَبعد العناء الشَّديد تمكن من انزالهم فِي ميناء مودون وَلم يكن بَاقِيا فِي ايدي العثمانيين إِذْ ذَاك من جَمِيع اليونان الا هَذِه الْمَدِينَة ومدينة كورون وَلَو لم تكن مساعدة اوروبا لليونانيين بِالْمَالِ وَالرِّجَال لما امكنهم مقاومة الْجنُود العثمانية فانه لما شرعت اليونان فِي طلب الِاسْتِقْلَال شكلت فِي اوروبا عدَّة جمعيات دعيت بجمعيات محبي اليونان وجمعت كثيرا من المَال ارسلت بِهِ إِلَى الثائرين كميات وافرة من الاسلحة