وانكلترا على حُدُود هَذِه المملكة اليونانية الجديدة الَّتِي اوجدتها رَغْبَة الدولة فِي اضعاف الدولة الاسلامية الوحيدة وتخليص جَمِيع المسيحيين الْمَوْجُودين ببلادها من سلطتها وتحريضهم على طلب الِاسْتِقْلَال مُكَافَأَة لَهَا على عدم تعرضها لدينهم وعوائدهم ومجازاة لَهَا على هَذِه الغلطة السياسية وَلَا اقول غير ذَلِك لِأَن عَملهَا هَذَا منطبق كل الانطباق على قَوَاعِد الْعدْل واصول الانسانية الا ان السياسة فِي عرف الدول الاوروبية لَا تعترف بِهَذِهِ المبادئ الجليلة بل تنظر إِلَى الْغَايَة الْمَقْصُودَة بِقطع النّظر عَن طَرِيق الْوُصُول اليها وَقد قَالُوا فِي امثالهم الْجَارِيَة حَتَّى على السّنة الاطفال ان الْغَايَة تبرر الْوَاسِطَة ايا كَانَت هَذِه الْوَاسِطَة وَلَو الحقت الخراب والدمار لَا بِبَعْض الافراد بل بِأمة بأجمعها اَوْ بِأَكْثَرَ من امة وَاحِدَة
هَذَا ثمَّ اضيف إِلَى هَذِه المعاهدة ذيل ذكر فِيهِ ان مبلغ التعويض الَّذِي اتّفق على دَفعه للتجار الروسيين يدْفع على ارْبَعْ سنوات وان تدفع الدولة مبلغ خَمْسَة ملايين جنيه انكليزي تعويضا حَرْبِيّا للروسيا على عشرَة اقساط سنوية مُتَسَاوِيَة وان تبقى الجيوش الروسية فِي الممالك العثمانية ثمَّ تنسحب مِنْهَا تدريجيا فتنجلي عَن مَدِينَة ادرنه بعد دفع الْقسْط الاول وَترجع إِلَى مَا وَرَاء جبال البلقان بعد دفع الثَّانِي وَإِلَى مَا وَرَاء نهر الطونه بعد دفع الثَّالِث وتخلي امارة البلغار وَلَا تتخلى تَمامًا عَن ولايتي الافلاق والبغدان الا بعد دفع آخر قسط أَي بعد عشر سنوات وان يرحل جَمِيع السكان الْمُسلمين القاطنين بِهَاتَيْنِ الولايتين ويبيعوا مَا لَهُم بهَا من الْعقار وَالْمَنْقُول فِي مَسَافَة ثَمَانِيَة عشر شهرا
واخيرا فِي ٧ ذِي الْحجَّة سنة ١٢٤٥ ٣٠ مايو سنة ١٨٣٠ اعلن الْبَاب العالي بتصديقه على الشُّرُوط الْمُدَوَّنَة فِي الِاتِّفَاق الَّذِي امْضِي بَين الدولة فِي لوندره فِي نوفمبر سنة ١٨٢٨ القَاضِي باستقلال اليونان
يَتَّضِح للمطالع من ذَلِك ان الروسيا وان لم تَأْخُذ شَيْئا يذكر من املاك الدولة بِمُقْتَضى هَذِه المعاهدة الا ان مَا وَضعته فِيهَا من الشُّرُوط كَانَت تقصد بهَا اضعاف الدولة بكيفية لَا يُمكنهَا مَعهَا اتمام النظامات العسكرية وَلَا تَجْدِيد عمارتها البحرية الَّتِي دمرت فِي وَاقعَة ناورين كَمَا سبق واتى لَهَا ذَلِك وَهِي ملتزمة بِدفع هَذِه الغرامة الحربية الفادحة بِالنِّسْبَةِ لماليتها والجيوش الاجنبية محتلة جُزْءا عَظِيما من