ايام لاعطاء جَوَابه فَطلب مِنْهُم كِتَابَة بذلك فلبوا طلبه ثمَّ فِي الْيَوْم التَّالِي افهموه ان فرنسا لَا يُمكنهَا مساعدته قطّ وان الدول مصممة على تَنْفِيذ مَا اتّفقت عَلَيْهِ وَلَو ادى ذَلِك إِلَى حَرْب اوروبية لكنه اصر على عدم الْقبُول والدفاع عَن حَقه إِلَى آخر رَمق من حَيَاته وَفِي يَوْم ٢٥ جماد الثَّانِي ١٢٥٦ ٢٤ اغيطس ١٨٤٠ الَّذِي هُوَ غَايَة الميعاد الْمُعْطى لَهُ حضر اليه القناصل وَمَعَهُمْ مَنْدُوب الدولة واخبروه بانه لَا حق لَهُ الْآن فِي ولَايَة عكا وان الدول لَا تسمح لَهُ إِلَّا بِولَايَة مصر فَقَط لَهُ ولذريته فاحتدم عَلَيْهِم غَضبا وطردهم من عِنْده قَائِلا لَهُم كَيفَ يجوز أَن أسمح لكم بالْمقَام فِي بلادي وَأَنْتُم وكلاء أعدائي فِي هَذِه الديار فانصرفوا وَأَعْطوهُ عشرَة أَيَّام أخر لابداء جَوَابه بِحَيْثُ إِن لم يُجَاوب تكون الدول غير مسؤولة عَمَّا يحصل لَهُ من الضَّرَر وَبعد انْقِضَاء هَذِه الْمدَّة بِدُونِ ان يُبْدِي لَهُم جَوَابه كتب القناصل بذلك إِلَى سفراء الدول باستانبول فَاجْتمعُوا مَعَ الصَّدْر الاعظم وقرروا باتحادهم اخذ مصر وَالشَّام من مُحَمَّد عَليّ باشا
وَفِي اثناء هَذِه الْمدَّة كَانَت فرنسا اتبَاعا لرأي المسيو تيرس تستعد لِلْقِتَالِ مساعدة لمُحَمد عَليّ باشا وَلَكِن لسوء حَظّ الامة المصرية كَانَت هَذِه الاستعدادات غير كَافِيَة وَلَا تتمّ الا بعد سِتَّة اشهر لعدم وجود السِّلَاح والذخائر الكافية للحرب لَا سِيمَا وان فرنسا تكون فِي هَذِه الْحَالة مقاومة لاكبر دوَل اوروبا
وَلما تحقق اهالي فرنسا ان حكومتهم لَا تقوى على مساعدة مُحَمَّد عَليّ باشا فعلا بعد ان جرأته على المقاومة ووعدته بالمساعدة هاج الرَّأْي الْعَام على المسيو تيرس المعضد لهَذِهِ السياسة الَّتِي عَادَتْ على مصر بِالضَّرَرِ الْعَظِيم حَتَّى الْتزم للاستعفاء فِي يَوْم ٣ رَمَضَان سنة ١٢٥٦ ٢٩ اكتوبر سنة ١٨٤٠ لَكِن لم يجد استعفاؤه لمصر نفعا لوقوفها بمفردها امام ارْبَعْ دوَل من اعظم الدول شَأْنًا واعلاها مكانة واكثرها قُوَّة اذ ارسلت فرنسا اوامرها لدونانمتها اولا بالانسحاب إِلَى مياه اليونان ثمَّ بالعودة إِلَى فرنسا وَترك مصر وَالشَّام لمراكب انكلترا تحرق موانئها بمقذوفاتها الجهنمية
وَكَانَ رُجُوع الدونانمة الفرنساوية فِي ٩ اكتوبر سنة ١٨٤٠ أَي قبل استعفاء المسيو تيرس بِعشْرين يَوْمًا