هَذَا وَلم تشترك الدول الاربع فِي محاربة مُحَمَّد عَليّ باشا بل قَامَت انكلترا وَحدهَا بِهَذَا الْعَمَل وساعدتها النمسا والدولة بِبَعْض مراكبها وعساكرها الْبَريَّة للنزول إِلَى الْبر إِذا اقْتضى الْحَال ذَلِك
واما دولة البروسيا فَلم يكن لَهَا مراكب اذ ذَاك والروسيا لم ترد الابتعاد عَن الْقُسْطَنْطِينِيَّة
وَلما وصل إِلَى سُلَيْمَان باشا بَلَاغ الكومودور نابير وَعلم بمنشوراته للاهالي اعلن فِي الْحَال بِجعْل الْبِلَاد تَحت الاحكام العسكرية وَذَلِكَ خوفًا من قيام الجبليين اتبَاعا لمشورة الانكليز وادخل فِي مَدِينَة بيروت الْعدَد الْكَافِي من الْجند وارسل لابراهيم باشا ان يحضر اليه بجيشه الَّذِي كَانَ معسكرا بِقرب مَدِينَة بعلبك ليشتركا فِي المدافعة عَن موانئ الشَّام فوصل ابراهيم باشا إِلَى بيروت وعسكر فِي ضواحيها وَفِي ١٢ رَجَب سنة ١٢٥٦ ٩ سبتمبر سنة ١٨٤٠ وصل الاميرال ستو بفورد الَّذِي كَانَ يجول بمراكبه امام الاسكندرية إِلَى مياه بيروت ليشترك مَعَ الكومودور نابير فِي اطلاق المدافع على موانئ الشَّام وَفِي الْيَوْم التَّالِي وصلهما العساكر الْبَريَّة وَكَانَت مؤلفة من الف وَخَمْسمِائة من المشاة الانكليزية وَثَمَانِية آلَاف بَين اتراك وارنؤود
وَفِي يَوْم ١٤ رَجَب ١١ سبتمبر انزلت هَذِه العساكر إِلَى الْبر فِي نقطة تبعد نَحْو سِتَّة اميال فِي شمال بيروت وَلم يتَمَكَّن ابراهيم باشا من مَنعهم لوُجُود هَذِه النقطة تَحت حماية المدافع الانكليزية
وَفِي ظهر ذَلِك الْيَوْم بعد نزُول هَذِه العساكر إِلَى الْبر ارسل إِلَى سُلَيْمَان باشا بَلَاغ من الاميرالين الانكليزي والنمساوي بَان يخلي مَدِينَة بيروت حَالا فَطلب مِنْهُم مَسَافَة ارْبَعْ وَعشْرين سَاعَة كي يتداول مَعَ ابراهيم باشا فِي هَذَا الامر الجلل فَلم يقبل طلبه وابتدأ فِي اطلاق المدافع على الْمَدِينَة وَاسْتمرّ اطلاقها حَتَّى الْمسَاء وابتدئ ايضا فِي الْيَوْم التَّالِي قبل الْفجْر وَلم تقطع الا بعد هدم اَوْ حرق اغلب الْمَدِينَة واحرقت كَذَلِك كل الثغور الشامية قصد استخلاصها من مُحَمَّد عَليّ باشا وارجاعها إِلَى الدولة الْعلية كَمَا كَانَت مَعَ ان مُحَمَّد عَليّ باشا لم يَأْتِ بامر يدل على رغبته فِي الْخُرُوج من تَحت ظلّ الرَّايَة العثمانية بل لم يزل مؤكدا اخلاصه