ويلقون بذور الْفساد ويتعهدونها بالمداومة والمثابرة حَتَّى قَامَ الدروز ثَانِيَة فِي سنة ١٢٦١ هجرية سنة ١٨٤٥ وَقتلُوا المسيحيين وتعدوا على قسس الكاثوليك الفرنساويين وَقتلُوا رَئِيس اُحْدُ الاديرة واسْمه شارل دي لوريت واثنين من رُهْبَان الدَّيْر وحرقوا حثثهم ثمَّ اضرموا النَّار فِي الدَّيْر حَتَّى صَار قاعا صفصفا بعد ان نهبوا كل مَا بِهِ من المنقولات والامتعة بِدُونِ ان يحصل اقل اذى للمرسلين البروتستانت الامريكانيين والانكليز الامر الَّذِي يدل دلَالَة وَاضِحَة على ان هَذِه المذابح لَا تَخْلُو من تأثيرهم حَتَّى يثبتوا للمارونية الكاثوليك انهم لَو اعتنقوا الْمَذْهَب البروتستانتي لَا يلحقهم ضَرَر ويصيرون فِي مأمن من تعدِي الدروز فيستميلونهم للتمذهب بمذهبهم وَلَا يبْقى لفرنسا وَجه لحمايتهم وبسبب هَذِه الاضطرابات المتعاقبة لم ير الْبَاب العالي بدا من التدخل فِي ادارة الْجَبَل لمنع هَذِه الْفِتَن فعزل الامير بشير الشهابي بعد خُرُوج العساكر المصرية من الشَّام كَمَا مر وَعين مَكَانَهُ واليا عثمانيا وابطل بذلك جَمِيع امتيازات سكان الْجَبَل الممنوحة لَهُم قَدِيما بِمُقْتَضى عدَّة معاهدات وَمَا منح لَهُم اخيرا بِاتِّفَاق الدول عقب جلاء العساكر المصرية عَنهُ لتحققه ان وجود الشعوب الْمُخْتَلفَة القاطنة بِهِ تَحت حكم وَال وَاحِد اقْطَعْ للمفاسد وامنع لظُهُور الضغائن الدِّينِيَّة بَين الموارنة والدروز فَلم تقبل الدول ذَلِك بل اضْطر الْبَاب العالي بِنَاء على مساعيها ان يُعِيد للجبل بعض امتيازاته وَاتفقَ مَعَ سفراء الدول على ان يكون للوالي العثماني قَائِم مقَام احدهما ماروني وَالْآخر درزي يتَوَلَّى كل مِنْهُمَا النّظر فِي شؤون ابناء جنسه وَذَلِكَ فِي سنة ١٢٥٨ هجرية سنة ١٨٤٢
لَكِن لم تنجح هَذِه الطَّرِيقَة ايضا لاختلاط سكان بعض الْقرى من موارنة ودروز فسلخ الْبَاب العالي اقليم الجبائل الآهل بالموارنة من حُكُومَة الْجَبَل وضمه إِلَى ولَايَة طرابلس بِلَا امتيازات كباقي اقاليم الْجَبَل فعارض بطرِيق الموارنة فِي ذَلِك وارسل إِلَى جَمِيع القناصل يحْتَج ضد هَذَا الْعَمَل الْمنَافِي للاتفاق الاخير