مُدعيًا ان الدولة لم ترد بذلك الا اضعاف العنصر الماروني وتقوية العنصر الدرزي فبناء على هَذِه الشكوى ارسل الْبَاب العالي بِصفة وَال على الشَّام رجلا اتّصف بالاستقامة واصالة الرَّأْي يدعى اِسْعَدْ باشا للنَّظَر فِي تَسْوِيَة هَذِه الْمَسْأَلَة فارتأى ضَرُورَة اعادة الامير بشير الشهابي إِلَى امارة الْجَبَل كَمَا كَانَ فَلم يقبل الْبَاب العالي هَذَا الْحل وانتدب آخر يدعى خَلِيل باشا لتحقيق تشكيات الطَّرفَيْنِ وَتَقْدِيم تَقْرِير عَمَّا يرَاهُ حاسما للنزاع فَاخْتلف مَعَ اِسْعَدْ باشا فِي الرَّأْي وَقَالَ بافضلية اعْتِبَار جبل لبنان كباقي الولايات العثمانية بِدُونِ ادنى امتياز
وَلعدم قبُول القناصل بِهَذَا الرَّأْي اتَّفقُوا اخيرا فِي غُضُون سنة ١٢٥٩ هجرية سنة ١٨٤٣ على ان يعين فِي الْقرى المختلطة وكيلان احدهما درزي وَالْآخر ماروني وَيكون كل مِنْهُمَا تَابعا للقائم مقَام الَّذِي على مذْهبه فَلم يقبل الدروز الا ان يكون لَهُم السِّيَادَة على المارونية فِي الْجِهَات المختلطة وَهَؤُلَاء آثروا التتبع لاحدى الولايات العثمانية الْمَحْضَة على ان يَكُونُوا تَحت سيادة الدروز
وَاسْتحْسن الْبَاب العالي هَذَا الرَّأْي الاخير لَكِن لم يرق ذَلِك فِي اعين الدروز وَلَا فِي اعين المغرين لَهُم فهاجوا ثَانِيًا وَقَامُوا على المارونية وحصلت مذبحَة جُمَادَى الاولى سنة ١٢٦١ هجرية سنة ١٨٤٥ السَّابِق ذكرهَا فارسلت الدولة جيوشها واحتلت الْبِلَاد سهلا وجبلا بِصفة عسكرية واجرت فِيهَا الاحكام الْعُرْفِيَّة ثمَّ دارت المخابرات بَين الدول الْعُظْمَى وَالْبَاب العالي لتقرير مَا يضمن السَّلَام فِي الْحَال والاستقبال فاجتمعت آراؤهم اخيرا بعد مداولات طَوِيلَة واخذ ورد على ان يبْقى فِي الْقرى الْمُخْتَلفَة وكيلان درزي وماروني ويعين لكل من القائمي مقَام مجْلِس يُشَارِكهُ فِي الادارة مَعَ بَقَائِهِ تَحت رئاسته وَيشكل كل من هذَيْن المجلسين من عشرَة اعضاء خَمْسَة قُضَاة وَخَمْسَة مستشارين اثْنَان مِنْهُمَا من الدروز وَاثْنَانِ من المارونية وَاثْنَانِ من الْمُسلمين وَاثْنَانِ من الْمَدَنِيين وَاثْنَانِ من المتمذهبين بِمذهب الاروام الارثوذكس وَيكون من اختصاصها توزيع الضرائب بالسواء بِدُونِ نظر إِلَى اخْتِلَاف دين اَوْ مَذْهَب اما تَحْصِيلهَا فَيكون بِمَعْرِِفَة القائمي مقَام ووكلائهما فِي الْقرى والضياع
وَمن اختصاصهما ايضا النّظر فِي القضايا الحقوقية والجنائية وان امْتنع مَنْدُوب