حَال الْجَمِيع فِي ظلّ سلطتنا لاسباب الثروة واليسار الْعَظِيمَة الَّتِي انْعمْ الله بهَا على ملكنا وَكَذَا قَضِيَّة الِاسْتِقْلَال المهمة لدولتنا الْعلية من اعز الافكار عندنَا وفقنا جَمِيعًا الْفَيَّاض الْمُطلق بِحرْمَة حَبِيبه الاكرم آمين فِي ٢٣ ذِي الْحجَّة سنة ١٢٧٧ اهـ
وَيُؤْخَذ من نَص هَذَا الامر ان السُّلْطَان رَحمَه الله كَانَ يود السّير على خطة اسلافه من اصلاح الاحوال ومعاملة جَمِيع الرعايا على السوَاء بِدُونِ نظر لجنسهم اَوْ دينهم حَتَّى لَا يكون لدول اوروبا سَبِيل للتدخل فِي شؤون الدولة بِحجَّة طلب هَذِه الْمُسَاوَاة ثمَّ انشأ نشان شرف جَدِيد لمكافأة من يقوم بِخِدْمَة الدولة وَالْملَّة وَالدّين بِكُل صداقة وامانة وَدعَاهُ بالعثماني نِسْبَة إِلَى السُّلْطَان الْغَازِي عُثْمَان الاول رَأس هَذِه الدولة المحروسة الملحوظة بالعناية الربانية يحيطها سياج التعطفات الالهية حَتَّى ان تَأَلُّبُ جَمِيع الدول المسيحية عَلَيْهَا لم يزدها الا رسوخا وثباتا وَقد اراحها هَذَا التدخل نوعا مَا بفصل بعض العناصر الْمُغَايرَة للعنصر الاسلامي فِي الْجِنْس وَالدّين عَنْهَا فانها كَانَت اهم الشواغل للدولة مَعَ عدم وُصُول أَي فَائِدَة مِنْهَا اليها
ولنذكر هُنَا قبل تَفْصِيل مَا حصل بالدولة من الاصلاحات تَحت رِعَايَة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز مَا جرى من المناقشات وَدَار من المخابرات بَين الْبَاب العالي والدول بشأن امارات الْجَبَل الاسود والصرب والافلاق والبغدان فَنَقُول
الْجَبَل الاسود انه لما تجزأت مملكة الصرب الاصلية عقب موت الْملك دوشان وَقتل وَلَده اوروك اسْتَقل اُحْدُ اشراف الصرب بِبِلَاد الْجَبَل الاسود وَاسْمهَا تشيرنا جوره وجزء عَظِيم من بِلَاد الصرب وَجعل مقرّ حكومته مَدِينَة اشقودرة ثمَّ لما فتحهَا العثمانيون وطردوه مِنْهَا تحصن بِالْجَبَلِ وَبِه امكنه صد هجمات العثمانيين عَنهُ لوعورة المسالك وصعوبة المفاوز وَبِذَلِك لم يَتَيَسَّر للدولة ضم هَذَا الاقليم بِنَوْع قَطْعِيّ مُطلقًا