إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن نهيك وَأمره أَن يضم إِلَيّ خَمْسمِائَة رجل حَتَّى أوافي النَّاحِيَة
فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي خمسين كِفَايَة
فاستضحك ثمَّ قَالَ ضم إِلَيْهِ ألف فَارس فَأَنَّهُ إِنَّمَا كره أَن يُطعمهُمْ ويسقيهم
قَالَ فَقلت مَا لي إِلَى النّظر إِلَى جالينوس حَاجَة فازداد ضحكا ثمَّ قَالَ
وَحقّ الْمهْدي لتنفذن ومعك الْألف فَارس
قَالَ جِبْرَائِيل فَخرجت وَأَنا من أَشد النَّاس غما وأكسفهم بَالا قد أَعدَدْت لنَفْسي مَا لَا يَكْفِي عشرَة أنفس من الطَّعَام وَالشرَاب
قَالَ فَمَا اسْتَقر بِي الْموضع حَتَّى وافاني الْخبز والمساليخ وَالْملح فَعم من معي وَفضل كثير
فأقمت فِي ذَلِك الْموضع فطعمت فِيهِ وَمضى فتيَان الْجند وأغاروا على مَوَاضِع خمور الرّوم ولحومهم فَأَكَلُوا اللَّحْم كبابا بالخبز وَشَرِبُوا عَلَيْهِ الْخمر وانصرفت فِي آخر النَّهَار
فَسَأَلَهُ أَبُو إِسْحَق هَل تبين فِي رسم منزل جالينوس مَا يدل على أَنه كَانَ لَهُ شرف فَقَالَ لَهُ أما الرَّسْم فكثير
وَرَأَيْت لَهُ أبياتا شرقية وأبياتا غربية وأبياتا قبلية وَلم أر لَهُ بَيْتا فراتيا
وَكَذَلِكَ كَانَت فلاسفة الرّوم تجْعَل بيوتها وَكَذَلِكَ كَانَت ترى عُظَمَاء فَارس وَكَذَلِكَ أرى أَنا إِذا أصدقت نَفسِي وعملت بِمَا يجب لِأَن كل بَيت لَا تدخله الشَّمْس يكون وبيئا
وَإِنَّمَا كَانَ جالينوس على حكمته خَادِمًا لملوك الرّوم وملوك الرّوم أهل قصد فِي جَمِيع أُمُورهم فَإِذا قست منزل جالينوس إِلَى منَازِل الرّوم رَأَيْت من كبر خطته وَكَثْرَة بيوته وَإِن كنت لم أرها إِلَّا خرابا على أَنِّي وجدت فِيهَا أبياتا مسقفة استدللت على أَنه كَانَ ذَا مُرُوءَة
فَسكت عَنهُ أَبُو إِسْحَق فَقلت يَا أَبَا عِيسَى إِن مُلُوك الرّوم على مَا وصفت فِي الْقَصْد وَلَيْسَ قصدهم فِي هباتهم وعطاياهم إِلَّا قصدهم فِي مروءات أنفسهم فالنقص يدْخل المخدوم وَالْخَادِم فَإِذا نظرت إِلَى مَوضِع قصر ملك الرّوم وَمَوْضِع جالينوس ثمَّ نظرت إِلَى قصر أَمِير الْمُؤمنِينَ ومنزلك يكون نِسْبَة منزل جالينوس إِلَى منزل ملك الرّوم مثل نِسْبَة مَنْزِلك إِلَى منزل أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَكَانَ جِبْرَائِيل أَحْيَانًا يعجب مني لِكَثْرَة الِاسْتِقْصَاء فِي السُّؤَال ويمدحني عِنْد أبي إِسْحَق وَأَحْيَانا يغْضب مِنْهُ حَتَّى يكَاد أَن يطير غيظا
فَقَالَ لي وَمَا معنى ذكرك النِّسْبَة فَقلت لَهُ أردْت بِذكر النِّسْبَة أَنَّهَا لَفْظَة يتَكَلَّم بهَا حكماء الرّوم وَأَنت رَئِيس تلامذة أُولَئِكَ الْحُكَمَاء فَأَرَدْت التَّقَرُّب إِلَيْك بمخاطبتك بِأَلْفَاظ أستاذيك
وَإِنَّمَا معنى قولي نِسْبَة دَار جالينوس إِلَى دَار ملك الرّوم مثل نِسْبَة دَارك إِلَى دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه إِن كَانَت دَار جالينوس مثل نصف أَو ثلث أَو ربع أَو خمس أَو قدر من الأقدار من دَار ملك الرّوم هَل يكون قدرهَا من ملك الرّوم مثل قدر دَارك من دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ أَو أقل فَإِن دَار أَمِير