خلَافَة الْمَنْصُور
فَلَمَّا دعى الْمهْدي عِيسَى إِلَى خلع نَفسه من ولَايَة الْعَهْد وَتَسْلِيم الْأَمر إِلَى الْهَادِي قَالَ عِيسَى بن مُوسَى قَاتلك الله يَا فرات مَا كَانَ أَجود رَأْيك وأعلمك بِمَا تتفوه بِهِ كَأَنَّك كنت شَاهدا ليومنا هَذَا قَالَ مُوسَى بن إِسْرَائِيل وَلما رَأَيْت فعل أبي السَّرَايَا بمنازل العباسيين قلت مثل مَا قَالَ عِيسَى ابْن مُوسَى
وَقَالَ يُوسُف بن إِبْرَاهِيم لما بلغه وَهُوَ بِمصْر مَا ركب الطالبيون وَأهل الْكُوفَة من العباسيين وَقتل عبد الله بن مُحَمَّد بن دَاوُد مثل مَا قَالَ عِيسَى بن مُوسَى ومُوسَى المتطبب
قَالَ يُوسُف وحَدثني مُوسَى بن إِسْرَائِيل المتطبب أَن عِيسَى بن مُوسَى شكا إِلَى فرات متطببه مَا يُصِيبهُ من النعاس مَعَ مسامريه وَأَنه أَن تعشى مَعَهم ثقلت معدته فَنَامَ وَفَاته السمر وَأصْبح وَمَعَهُ ثقلة تَمنعهُ من الْغذَاء وَإِن لم يتعش مَعَهم أضرت بِهِ الشَّهْوَة الكاذبة فَقَالَ لَهُ شَكَوْت إِلَيّ مثل مَا شكا الْحجَّاج إِلَى أستاذي تياذوق فوصف لَهُ شَيْئا أَرَادَ بِهِ الْخَيْر فَصَارَ شرا
فَقَالَ لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ وصف لَهُ الْعَبَث بالفستق فَذكر ذَلِك الْحجَّاج لحظاياه فَلم يبْق لَهُ حظية إِلَّا قشرت لَهُ جَاما من الفستق وَبعثت بِهِ إِلَيْهِ
وَجلسَ مَعَ مَسَامِيرهُ فَأقبل يستف الفستق سفا فأصابته هيضة كَادَت تَأتي على نَفسه فَشَكا ذَلِك إِلَى تياذوق
فَقَالَ إِنَّمَا أَمرتك أَن تعبث بالفستق وَأَرَدْت بذلك الفستق الَّذِي بقشريه جَمِيعًا لتتولى أَنْت كسر الْوَاحِدَة بعد الْوَاحِدَة ومص قشرها المصلح لمعدة مثلك من الشَّبَاب الممرورين وَإِصْلَاح الكبد بِمَا يتَأَدَّى إِلَيْهَا من طعم هَذَا الفستق وَذَهَبت إِلَى أَنَّك إِذا أكلت مَا فِي الفستقة من الثَّمَرَة وحاولت كسر أُخْرَى لم يتم لَك كسرهَا إِلَّا وَقد أسرعت الطبيعة فِي هضم مَا أكلت من ثَمَرَة الفستقة الَّتِي قبلهَا
فَأَما مَا فعلت فَلَيْسَ بعجيب أَن ينالك مَعَه أَكثر مِمَّا أَنْت فِيهِ
وَإِن كنت تَأْخُذ أَيهَا الْأَمِير الفستق على مَا رأى أستاذي أَن يُؤْخَذ انتفعت بِهِ
قَالَ مُوسَى فَلَزِمَ عِيسَى بن مُوسَى أَخذ الفستق أَكثر من عشْرين سنة فَكَانَ يحمده
ماسرجويه متطبب الْبَصْرَة
وَهُوَ الَّذِي نقل كتاب أهرن من السرياني إِلَى الْعَرَبِيّ
وَكَانَ يَهُودِيّ الْمَذْهَب سريانيا وَهُوَ الَّذِي يعنيه أَبُو بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ فِي كِتَابه الْحَاوِي بقوله قَالَ الْيَهُودِيّ
وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان الْمَعْرُوف بِابْن جلجل أَن ماسرجويه كَانَ فِي أَيَّام بني أُميَّة
وَأَنه تولى فِي الدولة المروانية تَفْسِير كتاب أهرن بن أعين إِلَى الْعَرَبيَّة الَّذِي وجده عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله فِي خَزَائِن الْكتب فَأمر بِإِخْرَاجِهِ وَوَضعه فِي مُصَلَّاهُ واستخار الله فِي إِخْرَاجه إِلَى الْمُسلمين للإنتفاع بِهِ فَلَمَّا تمّ لَهُ فِي ذَلِك أَرْبَعُونَ صباحا أخرجه إِلَى النَّاس وبثه فِي أَيْديهم
قَالَ سُلَيْمَان بن حسان حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بِهَذِهِ الْحِكَايَة فِي مَسْجِد التِّرْمِذِيّ