وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(لم يبْق تولهي بكم غير ذما ... ينصب لذا البكا من الْعين دَمًا)
(إِن كَانَ يقتلني الهي حكما ... فِي حبك لم أجد لموتي ألما) دوبيت
ولشرف الدّين بن الرَّحبِي من الْكتب كتاب فِي خلق الْإِنْسَان وهيئة أَعْضَائِهِ ومنفعتها لم يسْبق إِلَى مثله
حواش على كتاب القانون لِابْنِ سينا
حواش على شرح ابْن أبي صَادِق لمسائل حنين
جمال الدّين بن الرَّحبِي
هُوَ الْحَكِيم الْأَجَل الْعَالم الْفَاضِل جمال الدّين عُثْمَان بن يُوسُف بن حيدرة الرَّحبِي
مولده ومنشؤه بِدِمَشْق من أكَابِر الْفُضَلَاء وسَادَة الْعلمَاء أوحد زَمَانه وفريد أَوَانه
اشْتغل بصناعة الطِّبّ على وَالِده وعَلى غَيره وأتقنها إتقانا لَا مزِيد عَلَيْهِ
وَكَانَ حسن المعالجة جيد المداواة
وخدم فِي البيمارستان الْكَبِير الَّذِي أنشأه الْملك الْعَادِل نور الدّين بن زنكي رَحمَه الله لمعالجة المرضى وَبَقِي بِهِ سِنِين
وَكَانَ يحب التِّجَارَة ويعانيها ويسافر بهَا فِي بعض الْأَوْقَات إِلَى مصر وَيَأْتِي من مصر بِتِجَارَة
وَلما وصلت التتر إِلَى الشَّام وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة توجه الْحَكِيم جمال الدّين بن الرَّحبِي إِلَى مصر وَأقَام فِيهَا ثمَّ مرض وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ وَذَلِكَ فِي الْعشْرين من شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة
كَمَال الدّين الْحِمصِي
هُوَ أَبُو مَنْصُور المظفر بن عَليّ بن نَاصِر الْقرشِي من الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين وَالْعُلَمَاء الْمَذْكُورين
وَكَانَ كثير الْخَيْر وافر الْمُرُوءَة كريم النَّفس محبا لاصطناع الْمَعْرُوف
واشتغل بصناعة الطِّبّ على الشَّيْخ رَضِي الدّين الرَّحبِي وعَلى غَيره وَشرع فِي قِرَاءَة كتاب القانون على الْحَكِيم القَاضِي بهاء الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود بن أبي الْفضل مَنْصُور بن الْحسن بن إِسْمَاعِيل الطَّبَرِيّ المَخْزُومِي لما أَتَى إِلَى دمشق
وَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَى علاج الإسهال الدماغي
ثمَّ سَافر الشَّيْخ بهاء الدّين إِلَى بلد الرّوم فِي سنة ثَمَان وسِتمِائَة
وَكَانَ كَمَال الدّين الْحِمصِي قد اشْتغل أَيْضا بالأدب وَقَرَأَ على الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ
وَكَانَ محبا للتِّجَارَة وَأكْثر معيشته مِنْهَا
وَكَانَت لَهُ دكان فِي الخواصين بِدِمَشْق يجلس فِيهَا وَيكرهُ التكسب بصناعة الطِّبّ
وَإِنَّمَا كَانَ الْمُلُوك وَأكْثر الْأَعْيَان يطلبونه ويستطبونه لما ظهر من علمه وَبَان من فَضله
وَطَلَبه الْملك الْعَادِل أَبُو بكر بن أَيُّوب وَغَيره ليخدمهم وَيبقى مَعَهم فِي الصُّحْبَة فَمَا فعل وَبَقِي سِنِين يتَرَدَّد إِلَى البيمارستان الْكَبِير الَّذِي أنشأه الْملك الْعَادِل نور الدّين بن زنكي ويعالج المرضى فِيهِ احتسابا
ثمَّ ألزم بعد ذَلِك بِأَن قررت لَهُ فِيهِ جامكية وجراية وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله
وَكَانَت وَفَاته فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع شهر شعْبَان سنة اثْنَتَيْ عشرَة وسِتمِائَة