إِلَى الرّبيع أوصله إِلَى الْخَلِيفَة وخاطبه الْخَلِيفَة فِي أَشْيَاء فَوَجَدَهُ فِيهَا حاد المزاج جيد الْجَواب فقربه وأكرمه وخلع عَلَيْهِ ووهب لَهُ مَالا واستخلصه لخدمته وَلم يزل فِي الْخدمَة إِلَى أَن مَاتَ الْمَنْصُور
ولجورجس من الْكتب كناشه الْمَشْهُور وَنَقله حنين بن إِسْحَاق من السرياني إِلَى الْعَرَبِيّ
[بختيشوع بن جورجس]
وَمعنى بختيشوع عبد الْمَسِيح لِأَن فِي اللُّغَة السريانية البخت العَبْد ويشوع عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام
وَكَانَ بختيشوع يلْحق بِأَبِيهِ فِي مَعْرفَته بصناعة الطِّبّ ومزاولته لأعمالها وخدم هرون الرشيد وتميز فِي أَيَّامه
قَالَ فثيون الترجمان لما مرض مُوسَى الْهَادِي أرسل إِلَى جندي سَابُور من يحضر لَهُ بختيشوع فَمَاتَ قبل قدوم بختيشوع وَكَانَ من خَبره أَنه جمع الْأَطِبَّاء وهم أَبُو قُرَيْش عِيسَى وَعبد الله الطيفوري وداؤد بن سرابيون وَقَالَ لَهُم أَنْتُم تأخذون أَمْوَالِي وجوائزي وَفِي وَقت الشدَّة تتقاعدون بِي
فَقَالَ لَهُ أَبُو قُرَيْش علينا الِاجْتِهَاد وَالله يهب السَّلامَة
فاغتاظ من هَذَا فَقَالَ لَهُ الرّبيع قد وصف لنا أَن بنهر صَرْصَر طَبِيبا ماهرا يُقَال لَهُ عبد يشوع بن نصر فَأمر بإحضاره وَبِأَن تضرب أَعْنَاق الْأَطِبَّاء
فَلم يفعل الرّبيع هَذَا لعلمه باختلال عقله من شدَّة الْمَرَض وَلِأَنَّهُ كَانَ آمنا مِنْهُ
وَوجه إِلَى صَرْصَر حَتَّى أحضر الرجل وَلما دخل على مُوسَى قَالَ لَهُ رَأَيْت القارورة قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهَا أَنا أصنع لَك دَوَاء تَأْخُذهُ وَإِذا كَانَ على تسع سَاعَات تَبرأ وتتخلص وَخرج من عِنْده وَقَالَ للأطباء
لَا تشْغَلُوا قُلُوبكُمْ فَإِنَّكُم فِي هَذَا الْيَوْم تنصرفون إِلَى بُيُوتكُمْ
وَكَانَ الْهَادِي قد أَمر بِأَن يدْفع إِلَيْهِ عشرَة آلَاف دِرْهَم ليبتاع لَهُ بهَا الدَّوَاء فَأَخذهَا وَوجه بهَا إِلَى بَيته وأحضر أدوية وَجمع الْأَطِبَّاء بِالْقربِ من مَوضِع الْخَلِيفَة وَقَالَ لَهُم دقوا حَتَّى يسمع وتسكن نَفسه فَإِنَّكُم فِي آخر النَّهَار تتخلصون
وَكَانَ كل سَاعَة يَدْعُو بِهِ ويسأله عَن الدَّوَاء فَيَقُول لَهُ هوذا تسمع صَوت الدق فيسكت
وَلما كَانَ بعد تسع سَاعَات مَاتَ وتخلص الْأَطِبَّاء وَهَذَا فِي سنة سبعين وَمِائَة
قَالَ فثيون وَلما كَانَ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَة مرض هرون الرشيد من صداع لحقه فَقَالَ