للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَيُّوب بصناعة الطِّبّ وَبَقِي فِي خدمته إِلَى أَن توفّي صَلَاح الدّين ثمَّ توجه إِلَى الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة ابْن تَقِيّ الدّين وَأقَام عِنْده نَحْو سنتَيْن وَتُوفِّي بحماة بعلة الاسْتِسْقَاء

[الشريف الكحال]

هُوَ السَّيِّد برهَان الدّين أَبُو الْفضل سُلَيْمَان

أصليته من مصر وانتقل إِلَى الشَّام

شرِيف الأعراق لطيف الْأَخْلَاق حُلْو الشَّمَائِل مَجْمُوع الْفَضَائِل

وَكَانَ عَالما بصناعة الْكحل وافر الْمعرفَة وَالْفضل متقنا للعلوم الأدبية بارعا فِي فنون الْعَرَبيَّة متميزا فِي النّظم والنثر مُتَقَدما فِي عمل الشّعْر

وخدم بصناعة الْكحل السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَكَانَ لَهُ مِنْهُ الجامكية السّنيَّة والمنزلة الْعلية والإنعام الْعَام والتفضل التَّام

وَلم يزل مستمرا فِي خدمته مُتَقَدما فِي دولته إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله

وَمن ملح مَا للْقَاضِي الْفَاضِل فِيهِ على سَبِيل المجون وَمِمَّا أَنْشدني الشَّيْخ الْحَافِظ نجيب الدّين أَبُو الْفَتْح نصر الله بن عقيله الشَّيْبَانِيّ قَالَ أَنْشدني القَاضِي الْفَاضِل عبد الرَّحِيم بن عَليّ لنَفسِهِ فِي الشريف الكحال

(رجل توكل بِي وكحلني ... فدهيت فِي عَيْني وَفِي عَيْني) الْكَامِل

وَقَالَ أَيْضا

(عَاد بني الْعَبَّاس حَتَّى أَنه ... سلب السوَاد من الْعُيُون بكحله)

وَكَانَ قد أهْدى الشريف أَبُو الْفضل الكحال الْمَذْكُور إِلَى شرف الدّين بن عنين خروفا وَهُوَ يَوْمئِذٍ بالديار المصرية فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ وجده هزيلا ضَعِيفا فَكتب إِلَيْهِ يَقُول على سَبِيل المداعبة

(أَبُو الْفضل وَابْن الْفضل أَنْت وَأَهله ... فَغير بديع أَن يكون لَك الْفضل)

(أَتَتْنِي أياديك الَّتِي لَا أعدهَا ... لكثرتها لَا كفر نعمى وَلَا جهل)

(ولكنني أنبيك عَنْهَا بطرفة ... تروقك مَا وافى لَهَا قبلهَا مثل)

(أَتَانِي خروف مَا شَككت بِأَنَّهُ ... حَلِيف هوى قد شفه الهجر والعذل)

(إِذا قَامَ فِي شمس الظهيرة خلته ... خيالا سرى فِي ظلمَة مَا لَهُ ظلّ)

(فناشدته مَا تشْتَهي قَالَ قَتَّة ... وقاسمته مَا شفه قَالَ لي الْأكل)

(فاحضرتها خضراء مجاجة الثرى ... مسلمة مَا خص أَو راقها الفتل)

(فظل يراعيها بِعَين ضَعِيفَة ... وينشدها والدمع فِي الْعين منهل)

(أَتَت وحياض الْمَوْت بيني وَبَينهَا ... وجادت بوصل حِين لَا ينفع الْوَصْل) الطَّوِيل

<<  <   >  >>