طَبَقَات الْأَطِبَّاء الْمَشْهُورين من أطباء ديار مصر
[بليطيان]
كَانَ طَبِيبا مَشْهُورا بديار مصر نَصْرَانِيّا عَالما بشريعة النَّصَارَى الملكية
قَالَ سعيد بن البطريق فِي كتاب نظم الْجَوْهَر
لما كَانَ فِي السّنة الرَّابِعَة من خلَافَة الْمَنْصُور من الْخُلَفَاء العباسيين صيربيلطيان بطريركا على الْإسْكَنْدَريَّة وَكَانَ طَبِيبا أَقَامَ سِتا وَأَرْبَعين سنة وَمَات
قَالَ وَلما كَانَ فِي أَيَّام الرشيد هرون وَولى الرشيد عبيد الله بن الْمهْدي مصر أهْدى عبيد الله إِلَى الرشيد جَارِيَة من أهل البيما من أَسْفَل الأَرْض وَكَانَت حَسَنَة جميلَة وَكَانَ الرشيد يُحِبهَا حبا شَدِيدا فاعتلت عِلّة عَظِيمَة فعالجها الْأَطِبَّاء فَلم تنْتَفع بِشَيْء
فَقَالُوا لَهُ ابْعَثْ إِلَى عبيد الله عاملك بِمصْر ليوجه إِلَيْك وَاحِدًا من أطباء مصر فَإِنَّهُم أبْصر بعلاج هَذِه الْجَارِيَة من أطباء الْعرَاق
فَبعث الرشيد إِلَى عبيد الله بن الْمهْدي يخْتَار لَهُ من أحذق أطباء مصر من يعالج الْجَارِيَة فَدَعَا عبيد الله بليطيان بطريرك الْإسْكَنْدَريَّة وَكَانَ حاذقا بالطب فَأعلمهُ بحب الرشيد الْجَارِيَة وعلتها وَحمله إِلَى الرشيد
وَحمل بليطيان مَعَه من كعك مصر الخشن والصير فَلَمَّا دخل إِلَى بَغْدَاد وَدخل إِلَى الْجَارِيَة أطعمها الكعك والصير فَرَجَعت إِلَى طبعها وزالت عَنْهَا الْعلَّة فَصَارَ من ذَلِك الْوَقْت يحمل من مصر إِلَى خزانَة السُّلْطَان الكعك الخشن والصير
ووهب الرشيد لبليطيان البطريرك مَالا كثيرا وَكتب لَهُ منشورا فِي كل كَنِيسَة فِي يَد اليعقوبية مِمَّا أخذوها وتغلبوا عَلَيْهَا أَن ترد إِلَيْهِ فَرجع بليطيان إِلَى مصر واسترد من اليعقوبية كنائس كَثِيرَة
وَتُوفِّي بليطيان فِي سنة سِتَّة وَثَمَانِينَ وَمِائَة لِلْهِجْرَةِ