أفضل أهل زَمَانه فِي الشّعْر وَلَا أحد يماثله فِيهِ وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ وديوانه مَشْهُور ومعروف
وَالْآخر فَخر الدّين رضوَان بن الساعاتي الطَّبِيب الْكَامِل فِي الصِّنَاعَة الطبية الْفَاضِل فِي الْعُلُوم الأدبية
وَقَرَأَ فَخر الدّين صناعَة الطِّبّ على الشَّيْخ رَضِي الدّين الرَّحبِي ولازمه مُدَّة
وَكَانَ فطنا ذكيا متقنا لما يعاينه حَرِيصًا فِي الْعلم الَّذِي يشْتَغل فِيهِ
وَقَرَأَ أَيْضا صناعَة الطِّبّ على الشَّيْخ فَخر الدّين المارديني
وَلما ورد إِلَى دمشق كَانَ فَخر الدّين بن الساعاتي جيد الْكِتَابَة يكْتب خطا مَنْسُوبا فِي النِّهَايَة من الْجَوْدَة ويشعر أَيْضا
وَله معرفَة جَيِّدَة بصناعة الْمنطق والعلوم الْحكمِيَّة وَكَانَ اشْتِغَاله بِعلم الْأَدَب على الشَّيْخ تَاج الدّين الْكِنْدِيّ بِدِمَشْق وخدم فَخر الدّين بن الساعاتي الْملك الفائز بن الْملك الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب وتوزر لَهُ
وخدم أَيْضا الْملك الْمُعظم عِيسَى بن الْملك الْعَادِل بصناعة الطِّبّ وتوزر لَهُ
وَكَانَ ينادمه ويلعب بِالْعودِ وَكَانَ محبا لكَلَام الشَّيْخ الرئيس ابْن سينا فِي الطِّبّ مغرى بِهِ وَتُوفِّي رَحمَه الله بِدِمَشْق بعلة اليرقان
وَمن شعره
(يحسدني قومِي على صنعتي ... لأنني بَينهم فَارس)
(سهرت فِي ليلِي واستنعسوا ... لن يَسْتَوِي الدارس والناعس) السَّرِيع
ولفخر الدّين بن الساعاتي من الْكتب تَكْمِيل كتاب القولنج للرئيس ابْن سينا
الْحَوَاشِي على كتاب القانون لِابْنِ سينا
كتاب المختارات فِي الْأَشْعَار وَغَيرهَا
شمس الدّين بن اللبودي
هُوَ الْحَكِيم الإِمَام الْعَالم الْكَبِير شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَبْدَانِ بن عبد الْوَاحِد بن اللبودي
عَلامَة وقته وَأفضل أهل زَمَانه فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة وَفِي علم الطِّبّ
سَافر من الشَّام إِلَى بِلَاد الْعَجم واشتغل هُنَاكَ بالحكمة على نجيب الدّين أسعد الْهَمدَانِي
وَقَرَأَ صناعَة الطِّبّ على رجل من أكَابِر الْعلمَاء وأعيانهم فِي بِلَاد الْعَجم
كَانَ أَخذ الصِّنَاعَة عَن تلميذ لِابْنِ سهلان عَن السَّيِّد الأيلاقي مُحَمَّد
وَكَانَ لشمس الدّين بن اللبودي همة عالية وفطرة سليمَة وذكاء مفرط وحرص بَالغ فتميز فِي الْعُلُوم وأتقن الْحِكْمَة وصناعة الطِّبّ وَصَارَ قَوِيا فِي المناظرة جيدا فِي الجدل يعد من الْأَئِمَّة الَّذين يقْتَدى بهم والمشايخ الَّذين يرجع إِلَيْهِم
وَكَانَ لَهُ مجْلِس للاشتغال عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ وَغَيرهَا
وخدم الْملك الظَّاهِر غياث الدّين غَازِي بن الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَأقَام عِنْده بحلب
وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ وَلم يزل فِي خدمته إِلَى أَن توفّي الْملك الظَّاهِر رَحمَه الله وَذَلِكَ فِي شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة
وَبعد وَفَاته أَتَى إِلَى دمشق وَأقَام بهَا يدرس صناعَة الطِّبّ ويطب فِي البيمارستان الْكَبِير النوري إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله
وَكَانَت وَفَاته بِدِمَشْق فِي رَابِع ذِي الْقعدَة