للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويشاركها رَشِيق فِي مثل ذَلِك

وَاتفقَ أَن كتب الْوَزير القمي الْمَدْعُو بالمؤيد مطالعة وَحملهَا وَعَاد جوابها وَفِيه اختلال بَين

فتوقف الْوَزير وَأنكر ثمَّ استدعى الْحَكِيم صاعد بن توما وَأسر إِلَيْهِ مَا جرى وَسَأَلَهُ عَن تَفْصِيل الْحَال فَعرفهُ مَا الْخَلِيفَة عَلَيْهِ من عدم الْبَصَر والسهو الطَّارِئ فِي أَكثر الْأَوْقَات وَمَا تعتمده الْمَرْأَة وَالْخَادِم من الْأَجْوِبَة

فتوقف الْوَزير عَن الْعَمَل بِأَكْثَرَ الْأُمُور الْوَارِدَة عَلَيْهِ وَتحقّق الْخَادِم وَالْمَرْأَة ذَلِك وَقد كَانَت لَهما أغراض يُريدَان تمشيتها لأجل الدُّنْيَا واغتنام الفرصة فِي نيلها

فحدسا أَن الْحَكِيم هُوَ الَّذِي دله على ذَلِك فقرر رَشِيق مَعَ رجلَيْنِ من الْجند فِي الْخدمَة أَن يغتالا الْحَكِيم ويقتلاه وهما رجلَانِ يعرفان بولدي قمر الدولة من الأجناد الواسطية وَكَانَ أَحدهمَا فِي الْخدمَة وَالْآخر بطالا

فرصدا الْحَكِيم فِي بعض اللَّيَالِي إِلَى أَن أَتَى إِلَى دَار الْوَزير وَخرج عَنْهَا عَائِدًا إِلَى دَار الْخلَافَة وتبعاه إِلَى أَن وصل بَاب درب الْغلَّة الْمظْلمَة ووثبا عَلَيْهِ بسكينيهما فقتلاه

وَكَانَ بَين يَدَيْهِ مشعل وَغُلَام وَانْهَزَمَ الْحَكِيم لما وَقع إِلَى الأَرْض بحرارة الضَّرْب إِلَى أَن وصل إِلَى بَاب خربة الهراس والقاتلان تابعان لَهُ فبصرهما وَاحِد وَصَاح خذوهم فعادا إِلَيْهِ وقتلاه وجرحا النفاط الَّذِي بَين يَدي الْحَكِيم

وَحمل الْحَكِيم إِلَى منزله مَيتا وَدفن بداره فِي ليلته

وَنفذ من البدرية من حفظ دَاره وَكَذَلِكَ من دَار الْوَزير لأجل الودائع الَّتِي كَانَت عِنْده للحرم والحشم الْخَاص وَبحث عَن القاتلين فَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِمَا وَتَوَلَّى الْقَبْض والبحث إِبْرَاهِيم بن جميل بمفرده وحملهما إِلَى منزله

وَلما كَانَ فِي بكرَة تِلْكَ اللَّيْلَة أخرجَا إِلَى مَوضِع الْقَتْل وشق بطناهما وصلبا على بَاب المذبح المحاذي لباب الْغلَّة الَّتِي جرح بهَا الْحَكِيم

وَكَانَ موت الْحَكِيم وَقَتله فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشر جُمَادَى الأولى سنة عشْرين وسِتمِائَة

أَبُو الْحُسَيْن صاعد بن هبة الله بن المؤمل

كَانَ نَصْرَانِيّا وَأَصله من الحظيرة وَنزل إِلَى بَغْدَاد وَكَانَ اسْمه أَيْضا مارى وَهُوَ من أَسمَاء الْكَنِيسَة عِنْد النَّصَارَى فَإِنَّهُم يسمون أَوْلَادهم عِنْد الْولادَة بأسماء فَإِذا عمدوهم سموهم عِنْد المعمودية باسم من أَسمَاء الصَّالِحين مِنْهُم

وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْن هَذَا طَبِيبا فَاضلا وخدم بِالدَّار العزيزة الناصرية الإمامية وتقرب قربا كثيرا وَكسب بخدمته وصحبته الْأَمْوَال وَكَانَت لَهُ الْحُرْمَة الوافرة والجاه الْعَظِيم

وَكَانَ قد قَرَأَ الْأَدَب على أبي الْحسن عَليّ بن عبد الرَّحِيم العصار وعَلى أبي مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن الخشاب النَّحْوِيّ وعَلى شرف الْكتاب بن حَيا وَغَيرهم

وَله معرفَة تَامَّة بالْمَنْطق والفلسفة وأنواع الْحِكْمَة وَكَانَ فِيهِ كبر وحمق وتيه وعجرفة وينسب إِلَى ظلم مفرط

وَلم يزل على أمره ينْسَخ بِخَطِّهِ كتب الْحِكْمَة ويتصرف فِيمَا هُوَ بصدده من الطِّبّ وعَلى حَالَته فِي الْقرب إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الْعشْرين من ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بِبَغْدَاد وَدفن ببيعة النَّصَارَى بهَا

<<  <   >  >>