ولمهذب الدّين يُوسُف بن أبي سعيد من الْكتب شرح التَّوْرَاة
الصاحب أَمِين الدولة
هُوَ الصاحب الْوَزير الْعَالم الْعَامِل الرئيس الْكَامِل أفضل الوزراء سيد الْحُكَمَاء إِمَام الْعلمَاء أَمِين الدولة أَبُو الْحسن بن غزال بن أبي سعيد
كَانَ سامريا وَأسلم ولقب بِكَمَال الدّين
وَكَانَ مهذب الدّين السامري عَمه
وَكَانَ أَمِين الدولة هَذَا لَهُ الذكاء الَّذِي لَا مزِيد عَلَيْهِ وَالْعلم الَّذِي لَا يصل إِلَيْهِ والإنعام الْعَام وَالْإِحْسَان التَّام والهمم الْعَالِيَة والآلاء المتوالية
وَقد بلغ من الصِّنَاعَة غاياتها وانْتهى إِلَى نهاياتها واشتمل على محصولها وأتقن معرفَة أُصُولهَا وفصولها
حَتَّى قل عَنهُ المماثل وَقصر عَن إِدْرَاك معاليه كل فَاضل وكامل
كَانَ أَولا عِنْد الْملك الأمجد مجد الدّين بهْرَام شاه ابْن عز الدّين فرخشاه بن أَيُّوب مُعْتَمدًا عَلَيْهِ فِي الصِّنَاعَة الطبية وأعمالها مفوضا إِلَيْهِ أُمُور دولته وَأَحْوَالهَا
وَلم يزل عِنْده إِلَى أَن توفّي الْملك الأمجد رَحمَه الله وَذَلِكَ فِي دَاره بِدِمَشْق آخر نَهَار يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشر شهر شَوَّال سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة
وَبعد ذَلِك اسْتَقل بالوزراة للْملك الصَّالح عماد الدّين أبي الْفِدَاء إِسْمَاعِيل ابْن الْملك الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب فساس الدولة أحسن السياسة وَبلغ فِي تَدْبِير المملكة نِهَايَة الرياسة وَثَبت قَوَاعِد الْملك وأيدها وَرفع مباني الْمَعَالِي وشيدها وجدد معالم الْعلم وَالْعُلَمَاء وأوجد من الْفضل مَا لم يكن لأحد من القدماء
وَلم يزل فِي خدمَة الْملك الصَّالح وَهُوَ عالي الْقدر نَافِذ الْأَمر مُطَاع الْكَلِمَة كثير العظمة إِلَى أَن ملك دمشق الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب ابْن الْملك الْكَامِل وَجعل نَائِبه بهَا الْأَمِير معِين الدّين بن شيخ الشُّيُوخ
وَكَانَ لما ملك دمشق أعْطى الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل بعلبك وَنقل إِلَيْهَا ثقله وَأَهله وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
وَكَانَ أَمِين الدولة فِي مُدَّة وزارته يحب جمع المَال وَحصل لصَاحبه الْملك الصّلاح إِسْمَاعِيل أَمْوَالًا عَظِيمَة جدا من أهل دمشق وَقبض على كثير من أملاكهم
وَكَانَ موافقه فِي ذَلِك قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق وَهُوَ رفيع الدّين الجيلي والنواب
وَلما بلغ نَائِب السلطنة بِدِمَشْق وَهُوَ الْأَمِير معِين الدّين بن شيخ الشُّيُوخ والوزير جمال الدّين بن مطروح بِدِمَشْق وأكابر الدولة مَا وصل إِلَى أَمِين الدولة من الْأَمْوَال قصدُوا أَن يقبضوا عَلَيْهِ ويستصفوا أَمْوَاله فعملوا لَهُ مكيدة
وَهِي أَنهم استحضروه وعظموه وَقَامُوا لَهُ لما أَتَى
وَلما اسْتَقر فِي الْمجْلس قَالُوا لَهُ إِن أردْت أَن تقيم بِدِمَشْق فابق كَمَا أَنْت وَإِن أردْت أَن تتَوَجَّه إِلَى صَاحبك ببعلبك فافعل
فَقَالَ لَا وَالله أروح إِلَى مخدومي وأكون عِنْده
ثمَّ إِنَّه خرج وَجمع أَمْوَاله وذخائره