وحواصله وَجَمِيع مَا يملكهُ حَتَّى الأثاث وَحصر دوره وَجمع الْجَمِيع على عدَّة بغال وَتوجه قَاصِدا إِلَى بعلبك
وَلما صَار ظَاهر دمشق قبض عَلَيْهِ وَأخذ جَمِيع مَا كَانَ مَعَه واحتيط على أملاكه واعتقل
وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة
ثمَّ سير إِلَى الديار المصرية تَحت الحوطة وأودع السجْن فِي قلعة الْقَاهِرَة مَعَ جمَاعَة أخر من أَصْحَاب الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل
وَلما كَانَ بعد ذَلِك بِزَمَان وَتُوفِّي الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب بِمصْر فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَجَاء الْملك النَّاصِر يُوسُف بن مُحَمَّد من حلب وَملك دمشق وَذَلِكَ فِي يَوْم الْأَحَد ثامن شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة صَار مَعَه الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وملوك الشَّام وَتوجه إِلَى مصر ليأخذها فَخرجت عَسَاكِر مصر وَكَانَ ملك مصر يَوْمئِذٍ الْملك الْمعز عز الدّين أيبك التركماني كَانَ قد تملك بعد وَفَاة أستاذه الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب والتقوا فَكَانَت أول الكسرة على عَسْكَر مصر
ثمَّ عَادوا وكسروا عَسْكَر الشَّام وَقبض على الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وَجَمَاعَة كَثِيرَة من الْمُلُوك والأمراء وحبسوا جَمِيعهم فِي مصر ثمَّ أطلق بَعضهم فِيمَا بعد
وَأما الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ وَقيل إِنَّه خنق بِوتْر
حَدثنِي الْأَمِير سيف الدّين المشد عَليّ بن عمر رَحمَه الله قَالَ لما سمع الْوَزير أَمِين الدولة فِي قلعة الْقَاهِرَة بِأَن مُلُوك الشَّام قد كسروا عَسْكَر مصر وَوصل الْخَبَر إِلَيْهِم بذلك من بلبيس
قَالَ أَمِين الدولة لصَاحب الْآمِر فِي القلعة دَعْنَا نخرج فِي القلعة حَتَّى تطلع الْمُلُوك وتبصر أيش تعْمل مَعَك من الْخَيْر فاطمعته نَفسه وأخرجهم وَكَانُوا فِي ذَلِك الْموضع فِي الْحَبْس ثَلَاثَة من أَصْحَاب الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل وزيره أَمِين الدولة وأستاذ دَاره نَاصِر الدّين بن يغمور
وأمير كردِي يُقَال لَهُ سيف الدّين فَقَالَ الْكرْدِي لَهُم يَا قوم لَا تستعجلوا مواضعكم فَإِن كَانَ الْأَمر صَحِيحا فمصير أستاذنا يخرجنا ويعيدنا إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ وَيحسن إِلَيْنَا ونخلف
وَإِن كَانَ الْأَمر غير صَحِيح فنكون فِي موضعنا لم نخرج مِنْهُ فَهُوَ أسلم لنا فَلم يقبلُوا مِنْهُ وَخرج الْوَزير وناصر الدّين بن يغمور وبسطوا مَوَاضِع فِي القلعة وَأمرُوا ونهوا
وَلما صَحَّ الْخَبَر بعكس مَا أَملوهُ أَمر عز الدّين التركماني لما طلع القلعة بقتل نَاصِر الدّين بن يغمور فَقتل وَأمر بشنق الْوَزير فشنقوه
وَحكى لي من رَآهُ لما شنق وَأَنه كَانَ عَلَيْهِ قندورة عنابي خضراء وسرموزة فِي رجلَيْهِ وَلم ينظر مشنوقا فِي رجلَيْهِ سرموزة سواهُ
وَأما رفيقهم الْكرْدِي فَأَطْلقهُ وخلع عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ خيرا
أَقُول وأعجب مَا أَتَى من الْأَحْكَام النجومية فِيمَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْمَعْنى مَا حَكَاهُ الْأَمِير نَاصِر الدّين زكري الْمَعْرُوف بِابْن عليمة وَكَانَ من جمَاعَة الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب قَالَ لما حبس الصاحب أَمِين الدولة أرسل إِلَى منجم فِي مصر لَهُ خبْرَة بَالِغَة فِي علم النُّجُوم وإصابات لَا تكَاد تخرم فِي أَحْكَامهَا