للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِي صناعَة الطِّبّ متميزا فِي الْأَدَب وَله شعر جيد

وَكَانَ تلميذ المصدوم وخدم بالطب الْمُسْتَنْصر

وَتُوفِّي فِي دولته فِي مراكش

أَبُو جَعْفَر بن الغزال

مولده بقنجيرة من أَعمال المرية وأتى إِلَى الْحَفِيد أبي بكر بن زهر ولازمه حق الْمُلَازمَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ صناعَة الطِّبّ وعَلى غَيره حَتَّى اتقن الصِّنَاعَة

وخدم الْمَنْصُور بالطب وَكَانَ خَبِيرا بتركيب الْأَدْوِيَة وَمَعْرِفَة مفرداتها

وَكَانَ الْمَنْصُور يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَة المركبة والمعاجين ويتناولها مِنْهُ

وَكَانَ الْمَنْصُور قد أبطل الْخمر وشدد بِأَن لَا يَأْتِي بِشَيْء مِنْهُ إِلَى الحضرة أَو يكون عِنْد أحد

فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بِمدَّة قَالَ الْمَنْصُور لأبي جَعْفَر بن الغزال أُرِيد أَن تجمع حوائج الترياق الْكَبِير وتركبه فامتثل أمره وَجمع حَوَائِجه وأعوزه الْخمر الَّذِي يعجن بِهِ أدوية الترياق وأنهى ذَلِك إِلَى الْمَنْصُور فَقَالَ لَهُ تطلبه من كل نَاحيَة وَانْظُر لَعَلَّ يكون عِنْد أحد مِنْهُ وَلَو شَيْء يسير لنكمل الترياق

فتطلبه أَبُو جَعْفَر من كل أحد وَلم يجد شَيْئا مِنْهُ

فَقَالَ الْمَنْصُور وَالله مَا كَانَ قصدي بتركيب الترياق فِي هَذَا الْوَقْت إِلَّا لاعتبر هَل بَقِي من الْخمر شَيْء عِنْد أحد أم لَا وَتُوفِّي أَبُو جَعْفَر بن الغزال فِي أَيَّام النَّاصِر

أَبُو بكر بن القَاضِي أبي الْحسن الزُّهْرِيّ

هُوَ أَبُو بكر بن الْفَقِيه القَاضِي أبي الْحسن الزُّهْرِيّ الْقرشِي قَاضِي أشبيلية مولده ومنشؤه بأشبيلية

وَكَانَ جوادا كَرِيمًا حسن الْخلق شرِيف النَّفس قد اشْتغل بالأدب وتميز فِي الْعلم

وَكَانَ أحد الْفُضَلَاء فِي صناعَة الطِّبّ والمتعينين فِي أَعمالهَا

وخدم بالطب للسَّيِّد أبي عَليّ بن عبد الْمُؤمن صَاحب أشبيلية

وَكَانَ يطبب النَّاس من دون أُجْرَة وَيكْتب النّسخ لَهُم وَكَانَ فِي مبدأ أمره محبا للشطرنج كثير اللّعب بِهِ وجاد لعبه فِي الشطرنج جدا حَتَّى صَار يُوصف بِهِ

وحَدثني القَاضِي أَبُو مَرْوَان الْبَاجِيّ قَالَ سَأَلت القَاضِي أَبَا بكر بن أبي الْحسن الزُّهْرِيّ عَن سَبَب تعلمه صناعَة الطِّبّ فَقَالَ لي إِنَّنِي كنت كثير اللّعب بالشطرنج وَلم يكد يُوجد من يلْعَب مثلي بِهِ فِي أشبيلية إِلَّا الْقَلِيل فَكَانُوا يَقُولُونَ أَبُو بكر الزُّهْرِيّ الشطرنجي فَكَانَ إِذا بَلغنِي ذَلِك أغتاظ مِنْهُ ويصعب عَليّ

فَقلت فِي نَفسِي لَا بُد أَن اشْتغل عَن هَذَا بِشَيْء غَيره من الْعلم لَا نعت بِهِ وَيَزُول عني وصف الشطرنج وَعلمت أَن الْفِقْه وَسَائِر الْأَدَب وَلَو اشتغلت بِهِ عمري كُله لم يخصني مِنْهُ وصف أَنعَت بِهِ فعدلت إِلَى أبي مَرْوَان عبد الْملك بن زهر واشتغلت عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ

وَكنت أَجْلِس عِنْده وأكتب لمن جَاءَ مستوصفا من المرضى الرّقاع واشتهرت بعد ذَلِك بالطب وَزَالَ عني مَا كنت أكره الْوَصْف بِهِ

وعاش أَبُو بكر بن أبي الْحسن الزُّهْرِيّ خمْسا وَثَمَانِينَ سنة وَتُوفِّي فِي دولة الْمُسْتَنْصر وَدفن بأشبيلية

<<  <   >  >>