فَأَما كتب الْحَكِيم الَّتِي لَا ريب فِيهَا فَهِيَ مِائَتَان وَثَمَانُونَ كتابا وَقد كَانَت منسية حَتَّى جَاءَ للكيان بِقوم حكماء ذَوي نِيَّة وورع فحصلوها وجمعوها وألفوها
وَلم تكن قبل ذَلِك مَشْهُورَة ببلدة لَكِنَّهَا كَانَت مخزونة فِي إيطاليا
وَقَالَ فلوطرخس أَن فيثاغورس أول من سمى الفلسفة بِهَذَا الِاسْم
وَمِمَّا يُوجد لفيثاغورس من الْكتب كتاب الأرثماطيقي كتاب الألواح كتاب فِي النّوم واليقظة كتاب فِي كَيْفيَّة النَّفس والجسد رِسَالَة إِلَى متمرد صقلية الرسَالَة الذهبية وَسميت بِهَذَا الِاسْم لِأَن جالينوس كَانَ يَكْتُبهَا بِالذَّهَب إعظاما لَهَا وإجلالا وَكَانَ يواظب على دراستها وقراءتها فِي كل يَوْم رِسَالَة إِلَى سقايس فِي اسْتِخْرَاج الْمعَانِي رِسَالَة فِي السياسة الْعَقْلِيَّة وَقد تعاب هَذِه الرسَالَة بتفسير أمليخس رِسَالَة إِلَى فيمدوسيوس
[سقراط]
قَالَ القَاضِي صاعد فِي طَبَقَات الْأُمَم
أَن سقراط كَانَ من تلاميذ فيثاغورس
اقْتصر من الفلسفة على الْعُلُوم الإلهية وَأعْرض عَن ملاذ الدُّنْيَا ورفضها وأعلن بمخالفة اليونانيين فِي عِبَادَتهم الْأَصْنَام وقابل رؤساءهم بالحجاج والأدلة الألهية فثوروا الْعَامَّة عَلَيْهِ واضطروا ملكهم إِلَى قَتله فأودعه الْملك الْحَبْس تحمدا إِلَيْهِم ثمَّ سقَاهُ السم تفاديا من شرهم
وَمن آثاره مناظرات جرت لَهُ مَعَ الْملك مَحْفُوظَة وَله وَصَايَا شريفة وآداب فاضلة وَحكم مَشْهُورَة ومذاهب فِي الصِّفَات قريبَة من مَذَاهِب فيثاغورس وبندقليس إِلَّا أَن لَهُ فِي شَأْن الْمعَاد آراء ضَعِيفَة بعيدَة عَن مَحْض الفلسفة خَارِجَة عَن الْمذَاهب المحققة
وَقَالَ الْأَمِير المبشر بن قاتك فِي كتاب مُخْتَار الحكم ومحاسن الْكَلم معنى سقراطيس باليونانية المعتصم بِالْعَدْلِ وَهُوَ ابْن سفرونسقس ومولده ومنشأه ومنبته بأثينية
وَخلف من الْوَلَد ثَلَاثَة ذُكُور وَلما ألزم التَّزْوِيج على عاداتهم الْجَارِيَة فِي إِلْزَام الأفاضل بِالتَّزْوِيجِ ليبقى نَسْله بَينهم طلب تَزْوِيجه الْمَرْأَة السفيهة الَّتِي لم يكن فِي بَلَده أسلط مِنْهَا ليعتاد جهلها وَالصَّبْر على سوء خلقهَا ليقدر أَن يحْتَمل جهل الْعَامَّة والخاصة
وَبلغ من تَعْظِيمه الْحِكْمَة مبلغا أضرّ بِمن بعده من محبي الْحِكْمَة لِأَنَّهُ كَانَ من رَأْيه أَن لَا تستودع الْحِكْمَة الصُّحُف والقراطيس تَنْزِيها لَهَا عَن ذَلِك
وَيَقُول أَن الْحِكْمَة طَاهِرَة مُقَدَّسَة غير فَاسِدَة وَلَا دنسة فَلَا يَنْبَغِي لنا أَن نستودعها إِلَّا الْأَنْفس الْحَيَّة وننزهها عَن الْجُلُود الْميتَة ونصونها عَن الْقُلُوب