حُبَيْش الأعسم
هُوَ حُبَيْش بن الْحسن الدِّمَشْقِي وَهُوَ ابْن أُخْت حنين بن إِسْحَق وَمِنْه تعلم صناعَة الطِّبّ وَكَانَ يسْلك مَسْلَك حنين فِي نَقله وَفِي كَلَامه وأحواله إِلَّا أَنه كَانَ يقصر عَنهُ
وَقَالَ حنين بن إِسْحَق وَقد ذكره فِي بعض الْمَوَاضِع أَن حبيشا ذكي مطبوع على الْفَهم غير أَنه لَيْسَ لَهُ اجْتِهَاد بِحَسب ذكائه
بل فِيهِ تهاون وَإِن كَانَ ذكاؤه مفرطا وذهنه ثاقبا
وحبيش هُوَ الَّذِي تمم كتاب مسَائِل حنين فِي الطِّبّ الَّذِي وَضعه للمتعلمين وَجعله مدخلًا إِلَى هَذِه الصِّنَاعَة
ولحبيش من الْكتب كتاب إصْلَاح الْأَدْوِيَة المسهلة كتاب الْأَدْوِيَة المفردة كتاب الأغذية
كتاب فِي الاسْتِسْقَاء
مقَالَة فِي النبض على جِهَة التَّقْسِيم
[يوحنا بن بختيشوع]
كَانَ طَبِيبا متميزا خَبِيرا باللغة اليونانية والسريانية وَنقل من اليوناني إِلَى السرياني كتبا كَثِيرَة وخدم بصناعة الطِّبّ الْمُوفق بِاللَّه طَلْحَة بن جَعْفَر المتَوَكل وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ كثيرا ويسميه مفرج كربي
حدث إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس بن طومار الهامشي قَالَ
كَانَ الْمُوفق إِذا جلس للشراب يقدم بَين يَدَيْهِ صينية ذهب ومغسل ذهب وخرداذى بلور وكوز بلور وَيجْلس يوحنا بن بختيشوع عَن يَمِينه وَيقدم إِلَيْهِ مثل ذَلِك وَكَذَلِكَ بَين يَدي غَالب الطَّبِيب
ثمَّ يقدم إِلَى جَمِيع الجلساء صواني مدهون وقناني زجاج ونارنج قَالَ وسمعته وَقد شكا إِلَى الْمُوفق مَا يجْرِي عَلَيْهِ فِي ضيَاعه فَتقدم الْمُوفق إِلَى صاعد بِأَن يكْتب لَهُ جَمِيع مَا يُرِيد
ثمَّ إِن يوحنا حضر بعد مُدَّة مديدة فعدد على الْمُوفق إحسانه إِلَيْهِ ومعروفة عِنْده وَأَن صاعدا يكدر إحسانه إِلَيْهِ وَيكْتب إِلَى الْعمَّال كتبا فِيمَا يبطل عَلَيْهِ ضيَاعه وأملاكه
فَتقدم إِلَيْهِ الْمُوفق بالإنصراف إِلَى مضربه وأعلمه بكيفية الْفِكر فِي هَذَا
وَوجه الْمُوفق إِلَى صاعد فَأحْضرهُ وَقَالَ لَهُ أَنْت تعلم أَنه لَيْسَ لي فِي هَذِه الدُّنْيَا من استريح إِلَيْهِ وَاعْلَم مَا فِي سويداء قلبِي وَهُوَ مفرج كربي غير يوحنا
وَأَنت دائب الْحِيلَة على تنغيض عيشي بشغل قلبه عَن خدمتي فعل الله بك وَفعل
فَلم يزل صاعد يحلف لَهُ حَتَّى حل سَيْفه ومنطقته وَقَالَ لَهُ امْضِ السَّاعَة مَعَ رَاشد إِلَى مضرب يوحنا وَلَا تدع جهدا فِي أَن تتوصل إِلَى جَمِيع مَا يُحِبهُ وتوثق لَهُ وَخذ خطة بأنك قد بلغت لَهُ كل مَا أَرَادَهُ وأنفذه إِلَيّ مَعَ رَاشد
قَالَ فَمضى وَكنت أَنا أحد من مضى مَعَهُمَا حَتَّى