للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مثوبتي مِنْهُ هَذِه الدَّعْوَى الَّتِي لَا يسمع بهَا أحد إِلَّا قذف من خرجه ونوه باسمه وَأطلق لِسَانه بِمثل مَا أطلقهُ بِهِ

ولمثل مَا خرج إِلَيْهِ هَذِه السفلة كَانَت الْأَعَاجِم تمنع جَمِيع النَّاس من الِانْتِقَال عَن صناعات آبَائِهِم وتحظر ذَلِك غَايَة الْخطر وَالله الْمُسْتَعَان

[يوحنا بن ماسويه]

كَانَ طَبِيبا ذكيا فَاضلا خَبِيرا بصناعة الطِّبّ وَله كَلَام حسن وتصانيف مَشْهُورَة وَكَانَ مبجلا حظيا عِنْد الْخُلَفَاء والملوك

قَالَ إِسْحَق بن عَليّ الرهاوي فِي كتاب أدب الطَّبِيب عَن عِيسَى بن ماسه الطَّبِيب قَالَ أَخْبرنِي أَبُو زَكَرِيَّا يوحنا بن ماسويه أَنه اكْتسب من صناعَة الطِّبّ ألف ألف دِرْهَم وعاش بعد قَوْله هَذَا ثَلَاث سِنِين أخر

وَكَانَ الواثق مشغوفا ضنينا بِهِ فَشرب يَوْمًا عِنْده فَسَقَاهُ الساقي شرابًا غير صَاف وَلَا لذيذ على مَا جرت بِهِ الْعَادة وَهَذَا من عَادَة السقاة إِذا قصر فِي برهم

فَلَمَّا شرب الْقدح الأول قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما المذاقات فقد عرفتها واعتدتها ومذاقة هَذَا الشَّرَاب فخارجة عَن طبع المذاقات كلهَا فَوجدَ أَمِير الْمُؤمنِينَ على السقاة وَقَالَ يسقون أطبائي وَفِي مجلسي مثل هَذَا الشَّرَاب وَأمر ليوحنا بِهَذَا السَّبَب وَفِي ذَلِك الْوَقْت بِمِائَة ألف دِرْهَم ودعا بسمانة الْخَادِم فَقَالَ لَهُ احْمِلْ إِلَيْهِ المَال السَّاعَة

فَلَمَّا كَانَ وَقت الْعَصْر سَأَلَ سمانة هَل حمل مَال الطَّبِيب أم لَا فَقَالَ لَا بعد فَقَالَ يحمل إِلَيْهِ مِائَتَا ألف دِرْهَم السَّاعَة

فَلَمَّا صلوا الْعشَاء سَأَلَ عَن حمل المَال فَقيل لَهُ لم يحمل بعد فَدَعَا بسمانة وَقَالَ احْمِلْ إِلَيْهِ ثلثمِائة ألف دِرْهَم

فَقَالَ سمانة لخازن بَيت المَال احملوا مَال يوحنا وَإِلَّا لم يبْق فِي بَيت المَال شَيْء

فَحمل إِلَيْهِ من سَاعَته

وَقَالَ سُلَيْمَان بن حسان كَانَ يوحنا بن ماسويه مسيحي الْمَذْهَب سريانيا قَلّدهُ الرشيد تَرْجَمَة الْكتب الْقَدِيمَة مِمَّا وجد بأنقره وعمورية وَسَائِر بِلَاد الرّوم حِين سباها الْمُسلمُونَ وَوَضعه أَمينا على التَّرْجَمَة

وخدم هَارُون والأمين والمأمون وَبَقِي على ذَلِك إِلَى أَيَّام المتَوَكل

قَالَ وَكَانَت مُلُوك بني هَاشم لَا يتناولون شَيْئا من أطعمتهم إِلَّا بِحَضْرَتِهِ

وَكَانَ يقف على رؤوسهم وَمَعَهُ البراني بالجوارشنات الهاضمة المسخنة الطابخة المقوية للحرارة الغريزية فِي الشتَاء وَفِي الصَّيف بالأشربة الْبَارِدَة والجوارشنات

وَقَالَ ابْن النديم الْبَغْدَادِيّ الْكَاتِب إِن يوحنا بن ماسويه خدم بصناعة الطِّبّ الْمَأْمُون والمعتصم والواثق والمتوكل

<<  <   >  >>