منكه الْهِنْدِيّ
كَانَ عَالما بصناعة الطِّبّ حسن المعالجة لطيف التَّدْبِير فيلسوفا من جملَة الْمشَار إِلَيْهِم فِي عُلُوم الْهِنْد متقنا للغة الْهِنْد ولغة الْفرس وَهُوَ الَّذِي نقل كتاب شاناق الْهِنْدِيّ فِي السمُوم من اللُّغَة الْهِنْدِيَّة إِلَى الْفَارِسِي وَكَانَ فِي أَيَّام الرشيد هرون وسافر من الْهِنْد إِلَى الْعرَاق فِي أَيَّامه وَاجْتمعَ بِهِ وداواه
وَوجدت فِي بعض الْكتب أَن منكه الْهِنْدِيّ كَانَ فِي جملَة إِسْحَق بن سُلَيْمَان بن عَليّ الْهَاشِمِي وَكَانَ ينْقل من اللُّغَة الْهِنْدِيَّة إِلَى الفارسية والعربية
ونقلت من كتاب أَخْبَار الْخُلَفَاء والبرامكة أَن الرشيد اعتل عِلّة صعبة فعالجه الْأَطِبَّاء فَلم يجد من علته أفاقة
فَقَالَ لَهُ أَبُو عمر الأهجمي بِالْهِنْدِ طَبِيب يُقَال لَهُ منكه وَهُوَ أحد عبادهم وفلاسفتهم فَلَو بعث إِلَيْهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَعَلَّ أَن يهب لَهُ الشِّفَاء على يَده
قَالَ فَوجه الرشيد من حمله وَوَصله بصلَة تعينه على سَفَره فَقدم وعالج الرشيد فبرأ من علته بعلاجه
فَأجرى عَلَيْهِ رزقا وَاسِعًا وأموالا كَافِيَة
قَالَ فَبَيْنَمَا منكه مارا فِي الْخلد إِذا هُوَ بِرَجُل من المائنين قد بسط كساءه وَألقى عَلَيْهِ عقاقير كَثِيرَة وَقَامَ يصف دَوَاء عِنْده فَقَالَ فِي صفته هَذَا دَوَاء للحمى الدائمة وَحمى الغب وَحمى الرّبع ولوجع الظّهْر والركبتين والخام والبواسير والرياح ووجع المفاصل ووجع الْعَينَيْنِ ولوجع الْبَطن والصداع والشقيقة ولتقطير الْبَوْل والفالج والارتعاش وَلم يدع عِلّة فِي الْبدن إِلَّا ذكر أَن ذَلِك الدَّوَاء شفاؤها
فَقَالَ منكه لِترْجُمَانِهِ مَا يَقُول هَذَا فترجم لَهُ مَا سمع فَتَبَسَّمَ منكه وَقَالَ على كل حَال ملك الْعَرَب جَاهِل وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ الْأَمر على مَا قَالَ هَذَا فَلم حَملَنِي من بلدي وقطعني عَن أَهلِي وتكلف الغليظ من مؤونتي وَهُوَ يجد هَذَا نصب عينه وبإزائه وَإِن كَانَ الْأَمر لَيْسَ كَمَا يَقُول هَذَا فَلم لَا يقْتله فَإِن الشَّرِيعَة قد أَبَاحَتْ دم هَذَا وَمن أشبهه لِأَنَّهُ إِن قتل مَا هِيَ إِلَّا نفس تحيا بفنائها أنفس خلق كثير وَإِن ترك وَهَذَا الْجَهْل قتل فِي كل يَوْم نفسا
وبالحري أَن يقتل اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة فِي كل يَوْم وَهَذَا فَسَاد فِي الدّين ووهن فِي المملكة
صَالح بن بهلة الْهِنْدِيّ
متميز من عُلَمَاء الْهِنْد وَكَانَ خَبِيرا بالمعالجات الَّتِي لَهُم وَله قُوَّة وإنذارات فِي تقدمة الْمعرفَة
وَكَانَ بالعراق فِي أَيَّام الرشيد هَارُون
قَالَ أَبُو الْحسن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم الحاسب الْمَعْرُوف بِابْن الداية حَدثنِي أَحْمد بن رشيد الْكَاتِب مولى سَلام الأبرش أَن مَوْلَاهُ حَدثهُ أَن الموائد قدمت بَين يَدي الرشيد فِي بعض الْأَيَّام وجبرائيل بن بختيشوع غَائِب فَقَالَ لي أَحْمد قَالَ أَبُو سَلمَة يَعْنِي مَوْلَاهُ