سنة احدى وَعشْرين وسِتمِائَة وَله من الْعُمر احدى وَخَمْسُونَ سنة وَمن كَلَام شمس الدّين بن اللبودي كل شَيْء اذا شرع فِي نقص مَعَ اصراف الهمة اليه تناهى عَن قرب
ولشمس الدّين بن اللبودي من الْكتب كتاب الرَّأْي الْمُعْتَبر فِي الْقَضَاء وَالْقدر شرح كتاب الملخص لِابْنِ الْخَطِيب رِسَالَة فِي جمع المفاصل شرح كتاب الْمسَائِل لحنين بن اسحق
الصاحب نجم الدّين بن اللبودي
هُوَ الْحَكِيم السَّيِّد الْعَالم الصاحب نجم الدّين أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن الْحَكِيم الامام شمس الدّين مُحَمَّد بن عَبْدَانِ بن عَبْدَانِ بن عبد الْوَاحِد اوحد فِي الصِّنَاعَة الطبية ندرة فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة مفرط الذكاء فصيح اللَّفْظ شَدِيد الْحِرْص فِي الْعُلُوم متفنن فِي الْآدَاب قد تميز فِي الْحِكْمَة على الاوائل وَفِي البلاغة على سحبان وَائِل لَهُ النّظم البديع والترسل البليغ فَمَا يدانيه فِي شعره لبيد وَلَا فِي ترسله عبد الحميد
(وَلما رَأَيْت النَّاس دون مَحَله ... تيقنت ان الدَّهْر للنَّاس ناقد)
مولده بحلب سنة سبع وسِتمِائَة وَلما وصل أَبوهُ الى دمشق كَانَ مَعَه وَهُوَ صبي وَكَانَت النجابة تتبين فِيهِ من الصغر وعلو الهمة وَقَرَأَ على شَيخنَا الْحَكِيم مهذب الدّين عبد الرَّحِيم بن عَليّ واشتغل عَلَيْهِ بصناعة الطِّبّ واشتغل بعد ذَلِك وتميز فِي الْعُلُوم حَتَّى صَار أوحد زَمَانه وفريد أَوَانه وخدم الْملك الْمَنْصُور ابراهيم ابْن الْملك الْمُجَاهِد بن أَسد الدّين شيركوه بن شاذي صَاحب حمص وَبَقِي فِي خدمته بهَا وَكَانَ يعْتَمد عَلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ وَلم تزل أَحْوَاله تنمى عِنْده حَتَّى استوزره وفوض اليه امور دولته وَاعْتمد عَلَيْهِ بكليته وَكَانَ لَا يُفَارِقهُ فِي السّفر والحضر وَلما توفّي الْملك الْمَنْصُور رَحمَه الله وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة بعد كَسره الخوارزمية توجه الْحَكِيم نجم الدّين الى الْملك الصَّالح نجم الدّين ايوب ابْن الْملك الْكَامِل وَهُوَ بالديار المصرية فَأكْرمه غَايَة الاكرام وَوَصله بجزيل الانعام وَجعله نَاظرا على الدِّيوَان بالاسكندرية وَله مِنْهُ الْمنزلَة الْعلية وَجعل مقرره فِي كل شهر ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَبَقِي على ذَلِك مُدَّة ثمَّ توجه الى الشَّام وَصَارَ نَاظرا على الدِّيوَان بِجَمِيعِ الاعمال الشامية
وَمن ترسله كتب رقْعَة وقف الْخَادِم على المشرفة الْكَرِيمَة ادام الله نعْمَة الْمُنعم بِمَا أودعها من النعم الجسام واقتضبه فِيهَا من الاريحية الَّتِي اربى فِيهَا على كل من تقدمه من الْكِرَام وَأَبَان فِيهَا عَمَّا