قَالَ للفرات مَا تَقول فِي هَذَا اللِّوَاء
قَالَ لَهُ المتطبب أَقُول إِنَّه لِوَاء الشحناء بَيْنك وَبَين أهلك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
إِلَّا أَنِّي أرى لَك نقل أهلك من الْكُوفَة إِلَى أَي الْبلدَانِ أَحْبَبْت فَإِن الْكُوفَة بلد شيعَة من تحارب فَإِن فللت لم تكن لمن تخلف بهَا من أهلك بقيا وَإِن فللت وأصبت من تتَوَجَّه إِلَيْهِ زَاد ذَلِك فِي أضغانهم عَلَيْك فَإِن سلمت مِنْهُم حياتك لم يسلم مِنْهُم عقبك بعد وفاتك
فَقَالَ لَهُ عِيسَى وَيحك إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ غير مفارق للكوفة فَلم أنقل أَهلِي عَنْهَا وهم مَعَه فِي دَار فَقَالَ لَهُ أَن الفيصل فِي مخرجك فَإِن كَانَت الْحَرْب لَك فالخليفة مُقيم بِالْكُوفَةِ وَإِن كَانَت الْحَرْب عَلَيْك لم تكن الْكُوفَة لَهُ بدار وسيهرب عَنْهَا ويخلف حرمه فضلا عَن حَرمك
قَالَ مُوسَى فحاول عِيسَى نقل عِيَاله من الْكُوفَة فَلم يسوغه ذَلِك الْمَنْصُور
قَالَ وَلما فتح الله على عِيسَى وَرجع إِلَى الْكُوفَة وَقتل إِبْرَاهِيم بن عبيد الله انْتقل الْمَنْصُور إِلَى مَدِينَة السَّلَام فَقَالَ لَهُ متطببه بادره بالانتقال مَعَه إِلَى مدينته الَّتِي قد أحدثها وَاسْتَأْذَنَ الْمَنْصُور فِي ذَلِك فَأعلمهُ أَنه لَا سَبِيل إِلَيْهِ وَأَنه قد دبر استخلافه على الْكُوفَة فَأخْبر بذلك عِيسَى متطببه
فَقَالَ لَهُ المتطبب استخلافه إياك على الْكُوفَة قد حل لعقدك عَن الْعَهْد لِأَنَّهُ لَو دبر تَمام الْأَمر لَك لولاك خُرَاسَان بلد شيعتك
فَأَما أَن يجعلك بِالْكُوفَةِ مَعَ أعدائه وأعدائك وَقد قتلت مُحَمَّد بن عبد الله فوَاللَّه مَا دبر فِيك إِلَّا قَتلك وَقتل عقبك
وَمن الْمحَال أَن يوليك خُرَاسَان بعد الظَّاهِر مِنْهُ فِيك
فسله توليتك الجزيرتين أَو الشَّام فَأخْرج إِلَيّ أَي الولايتين ولاك فأوطنها فَقَالَ لَهُ تكره لي ولَايَة الْكُوفَة وَأَهْلهَا من شيعَة بني هَاشم وترغب لي فِي ولَايَة الشَّام أَو الجزيرتين وَأَهْلهَا من شيعَة بني أُميَّة فَقَالَ لَهُ المتطبب أهل الْكُوفَة وَأَن وَسموا أنفسهم بالتشيع لبني هَاشم فلست وَأهْلك من بني هَاشم الَّذِي يتشيعون لَهُم
وَإِنَّمَا تشيعهم لبني أبي طَالب وَقد أصبت من دِمَائِهِمْ مَا قد أكسب أهل الْكُوفَة بغضتك وَأحل لَهُم عِنْد أنفسهم الاقتياد مِنْك
وتشيع أهل الجزيرتين وَالشَّام لَيْسَ على طَرِيق الدّيانَة وَإِنَّمَا ذَلِك على طَرِيق إِحْسَان بني أُميَّة إِلَيْهِم
وَإِن أَنْت أظهرت لَهُم مَوَدَّة مَتى وليتهم فأحسنت إِلَيْهِ كَانُوا لَك شيعَة ويدلك على ذَلِك محاربتهم مَعَ عبد الله بن عَليّ على مَا قد نَالَ من دِمَائِهِمْ لما تألفهم وتضمن لَهُم الْإِحْسَان إِلَيْهِم فهم إِلَيْك لسلامتك من دِمَائِهِمْ أميل
واستعفى عِيسَى من ولَايَة الْكُوفَة وَسَأَلَ تعويضه عَنْهَا فَأعلمهُ الْمَنْصُور أَن الْكُوفَة دَار الْخلَافَة وَإنَّهُ لَا يُمكن أَن تَخْلُو من خَليفَة أَو ولي عهد
ووعد عِيسَى أَن يُقيم بِمَدِينَة السَّلَام سنة وبالكوفة سنة
وَأَنه إِذا صَار إِلَى الْكُوفَة صَار عِيسَى إِلَى مَدِينَة السَّلَام فَأَقَامَ بهَا
قَالَ مُوسَى فَلَمَّا طلب أهل خُرَاسَان عقد الْبيعَة للمهدي قَالَ لمتطببه مَا تَقول يَا فرات فقد دعيت إِلَى تَقْدِيم مُحَمَّد بن أَمِير الْمُؤمنِينَ على نَفسِي فَقَالَ لَهُ فتدفع بِمَاذَا أرى أَن تسمع وتطيع الْيَوْم وَبعد الْيَوْم
فَقَالَ لَهُ وَمَا بعد الْيَوْم قَالَ إِذا دعَاك مُحَمَّد بن أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى خلع نَفسك وَتَسْلِيم الْخلَافَة إِلَى بعض وَلَده أَن تسارع
فَلَيْسَتْ عنْدك مَنْعَة وَلَا يمكنك مُخَالفَة الْقَوْم فِي شَيْء يريدونه مِنْك قَالَ مُوسَى فَمَاتَ المتطبب فِي