أَقُول وَيَقَع لي أَن من الْأَلْفَاظ الَّتِي فِي لُغَة اليونانيين وَهِي قَلَائِل مَا لَا يكون فِي آخِره سين مثل سقراط وأفلاطن وأغاثاذيمون وأغلوقن وتامور وياغات
وَكَذَلِكَ من غير أَسمَاء النَّاس مثل أنالوطيقيا ونيقوماخيا والريطورية وَمثل جند بيدستر وترياق فَإِن هَذِه الْأَسْمَاء تكون فِي لُغَة اليونانيين لَا يجوز عِنْدهم تنوينها فَتكون بِلَا سين
وَذَلِكَ مثل مَا عندنَا فِي لُغَة الْعَرَب أَن من الْأَسْمَاء مَا لَا ينون وَهِي الْأَسْمَاء الَّتِي لَا تَنْصَرِف مثل إِسْمَاعِيل وَإِبْرَاهِيم وَأحمد ومساجد ودنانير فَتكون هَذِه كتلك
وَالله أعلم
وَقد مدح أَبُو الْعَلَاء بن سُلَيْمَان المعري فِي كتاب الاسْتِغْفَار كتب جالينوس ومدوني الطِّبّ فَقَالَ
(سقيا ورعيا لِجَالِينُوسَ من رجل ... ورهط بقراط غاضوا بعد أَو زادوا)
(فَكل مَا اصلوه غير منتقض ... بِهِ اسْتَغَاثَ أولو سقم وعواد)
(كتب لطاف عَلَيْهِم خف محملها ... لَكِنَّهَا فِي شِفَاء الدَّاء أطواد)
وَمن أَلْفَاظ جالينوس وآدابه ونوادره الْحكمِيَّة مِمَّا ذكره حنين ابْن إِسْحَق فِي كتاب نَوَادِر الفلاسفة والحكماء وآداب المعلمين القدماء قَالَ جالينوس
الْهم فنَاء الْقلب وَالْغَم مرض الْقلب
ثمَّ بَين ذَلِك فَقَالَ الْغم بِمَا كَانَ والهم بِمَا يكون
وَفِي مَوضِع آخر الْغم بِمَا فَاتَ والهم بِمَا هُوَ آتٍ فإياك وَالْغَم فَإِن الْغم ذهَاب الْحَيَاة
أَلا ترى أَن الْحَيّ إِذا غم وجبة تلاشى من الْغم
قَالَ فِي صُورَة الْقلب إِن فِي الْقلب تجويفين أَيمن وأيسر
وَفِي التجويف الْأَيْمن من الدَّم أَكثر من الْأَيْسَر
وَفِيهِمَا عرقان يأخذان إِلَى الدِّمَاغ فَإِذا عرض للقلب مَا لَا يُوَافق مزاجه انقبض فانقبض لانقباضه العرقان فتشنج لذَلِك الْوَجْه وألم لَهُ الْجَسَد
وَإِذا عرض لَهُ مَا يُوَافق مزاجه انبسط وانبسط العرقان لانبساطه
قَالَ وَفِي الْقلب عريق صَغِير كالأنبوبة مطل على شغَاف الْقلب وسويدائه فَإِذا عرض للقلب غم انقبض ذَلِك العريق فقطر مِنْهُ دم على سويداء الْقلب وشغافه فيعصر عِنْد ذَلِك من العرقين دم يتغشاه فَيكون ذَلِك عصرا على الْقلب حَتَّى يحس ذَلِك فِي الْقلب وَالروح وَالنَّفس والجسم كَمَا يتغشى بخار الشَّرَاب الدِّمَاغ فَيكون مِنْهُ السكر
وَقيل إِن جالينوس أَرَادَ امتحان ذَلِك فَأخذ حَيَوَانا ذَا حس فغمه أَيَّامًا وَلما ذبحه وجد قلبه