قلت لَك أَن تحضر عنْدك الفستق بقشره البراني فتكسر الْوَاحِدَة بعد الْوَاحِدَة وتلوك قشرها البراني وَفِيه العطرية وَالْقَبْض فَيكون بذلك تَقْوِيَة الْمعدة
وَأَنت فقد عملت غير مَا قلت لَك
وداواه مِمَّا عرض لَهُ
قيل وَمن أخباره مَعَ الْحجَّاج أَنه دخل عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج أَي شَيْء دَوَاء أكل الطين فَقَالَ عَزِيمَة مثلك أَيهَا الْأَمِير
فَرمى الْحجَّاج بالطين من يَده وَلم يعد إِلَيْهِ أبدا
وَقيل إِن بعض الْمُلُوك لما رأى تياذوق وَقد شاخ وَكبر سنه وخشي أَن يَمُوت وَلَا يعتاض عَنهُ لِأَنَّهُ كَانَ أعلم النَّاس وأحذق الْأمة فِي وقته بالطب
فَقَالَ لَهُ صف لي مَا اعْتمد عَلَيْهِ فأسوس بِهِ نَفسِي وأعمل بِهِ أَيَّام حَياتِي فلست آمن أَن يحدث عَلَيْك حدث الْمَوْت وَلَا أجد مثلك فَقَالَ تياذوق أَيهَا الْملك بالخيرات أَقُول لَك عشرَة أَبْوَاب إِن علمت واجتنبتها لم تعتل مُدَّة حياتك وَهَذِه عشر كَلِمَات
١ - لَا تَأْكُل طَعَاما وَفِي معدتك طَعَام
٢ - وَلَا تَأْكُل مَا تضعف أسنانك عَن مضغه فتضعف معدتك عَن هضمه
٣ - وَلَا تشرب المَاء على الطَّعَام حَتَّى تفرغ ساعتين فَإِن أصل الدَّاء التُّخمَة وأصل التُّخمَة المَاء على الطَّعَام
٤ - وَعَلَيْك بِدُخُول الْحمام فِي كل يَوْمَيْنِ مرّة وَاحِدَة فَأَنَّهُ يخرج من جسدك مَا لَا يصل إِلَيْهِ الدَّوَاء
٥ - وَأكْثر الدَّم فِي بدنك تحرص بِهِ نَفسك
٦ - وَعَلَيْك فِي كل فصل قيئة ومسهلة
٧ - وَلَا تحبس الْبَوْل وَإِن كنت رَاكِبًا
٨ - واعرض نَفسك على الْخَلَاء قبل نومك
٩ - وَلَا تكْثر الْجِمَاع فَإِنَّهُ يقتبس من نَار الْحَيَاة فليكثر أَو يقل
١٠ - وَلَا تجامع الْعَجُوز فَإِنَّهُ يُورث الْمَوْت الْفجأَة
فَلَمَّا سمع الْملك ذَلِك أَمر كَاتبه أَن يكْتب هَذِه الْأَلْفَاظ بِالذَّهَب الْأَحْمَر ويضعه فِي صندوق من ذهب مرصع
وَبَقِي ينظر إِلَيْهِ فِي كل يَوْم وَيعْمل بِهِ فَلم يعتل مُدَّة حَيَاته حَتَّى جَاءَهُ الْمَوْت الَّذِي لَا بُد مِنْهُ وَلَا محيص عَنهُ
وَذكر إِبْرَاهِيم بن الْقَاسِم الْكَاتِب قَالَ قَالَ الْحجَّاج لِابْنِهِ مُحَمَّد يَا بني إِن تياذوق الطَّبِيب كَانَ قد أَوْصَانِي فِي تَدْبِير الصِّحَّة بِوَصِيَّة كنت استعملها فَلم أر إِلَّا خيرا
وَلما حَضرته الْوَفَاة دخلت عَلَيْهِ أعوده فَقَالَ الزم مَا كنت وصيتك بِهِ وَمَا نسيت مِنْهَا فَلَا تنس لَا تشربن دَوَاء حَتَّى تحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا تأكلن طَعَاما وَفِي جوفك طَعَام وَإِذا أكلت فامش أَرْبَعِينَ خطْوَة
وَإِذا امْتَلَأت من الطَّعَام فنم على جَنْبك الْأَيْسَر
وَلَا تأكلن الْفَاكِهَة وَهِي مولية
وَلَا تأكلن من اللَّحْم إِلَّا فتيا
وَلَا تنكحن عجوزا
وَعَلَيْك بِالسِّوَاكِ
وَلَا تتبعن اللَّحْم اللَّحْم
فَإِن إِدْخَال اللَّحْم على اللَّحْم يقتل الْأسود فِي الفلوات
وَقَالَ أَيْضا إِبْرَاهِيم بن الْقَاسِم الْكَاتِب فِي كتاب أَخْبَار الْحجَّاج أَن الْحجَّاج لما قتل سعيد بن جُبَير رَحمَه الله وَكَانَ من خِيَار التَّابِعين وَجرى بَينهمَا كَلَام كثير وَأمر بِهِ فذبح بَين يَدَيْهِ وَخرج مِنْهُ دم كثير استكثره وهاله
فَقَالَ الْحجَّاج لتياذوق طبيبه مَا هَذَا قَالَ لِاجْتِمَاع نَفسه وَإنَّهُ لم