تَأتي على نَفسه
فَسَقَاهُ أَخُوهُ سلمويه شهريارانا كثير السقمونيا فأسهله إسهالا كثيرا زَائِدا على الْمِقْدَار الَّذِي يجب أَن يكون مِمَّن شرب مثل مَا شرب إِبْرَاهِيم من الشهرياران
وَانْقطع مَعَ انْقِطَاع فعل الشهرياران فعل الهيضة فَقلت لَهُ أحسبك امتثلت فِيمَا فعلت بأخيك من إسقائه الدَّوَاء المسهل طَريقَة يزِيد بور فِي ثُمَامَة الْعَبْسِي
فَقَالَ مَا اسْتعْملت لَهُ طَريقَة وَلَكِنِّي اسْتعْملت فكري كَمَا اسْتعْمل فكره فنتج لي من الرَّأْي مَا نتج لَهُ
قَالَ يُوسُف وَكنت يَوْمًا عِنْد سلمويه وَقد أجرينا حَدِيث أَيَّام الْفِتْنَة بِمَدِينَة السَّلَام أَيَّام مُحَمَّد الْأمين فَقَالَ لي لقد نفعنا الله فِي تِلْكَ الْأَيَّام بجوار بشر وَبشير ابْني السميدع وَذَلِكَ أَنا كُنَّا مَعَهُمَا فِي كل حمى
ثمَّ قَالَ لي هَل لَك أَن تركب إِلَى بشير فتعوده فقد كنت يئست مِنْهُ أول من أمس ثمَّ أفرق أمس فأجبته إِلَى الرّكُوب مَعَه وركبنا
فَلَمَّا صرنا إِلَى بَاب الدَّرْب الَّذِي كَانَ بشير ينزله طلع علينا بولس بن حنون المتطبب الَّذِي هُوَ الْيَوْم متطبب أهل فلسطين وَهُوَ منصرف من عِنْد بشير
فَسَأَلَهُ عَن خَبره فَأَجَابَهُ بِكَلِمَة بالسُّرْيَانيَّة مَعْنَاهَا بئس
فَقَالَ لَهُ سلمويه ألم تُخبرنِي أمس أَنه قد أفرق فَقَالَ لَهُ بولس قد كَانَ ذَاك إِلَّا أَنه أكل البارحة دماغ جدي فعاوده الإسهال
فعطف سلمويه رَأس دَابَّته وَقَالَ انْصَرف بِنَا فَلَيْسَ يبيت بشير فِي الدُّنْيَا
فَسَأَلته عَن السَّبَب فَذكر أَنه رجل مبطون وَأَن أول آفته كَانَت فِي الْبَطن فَسَاد معدته فتطاولت أَيَّامه فِي الْبَطن بِفساد الْمعدة إِلَى أَن كَانَ ذَلِك سَببا لفساد كبده
وَأَن الدِّمَاغ الَّذِي أكله سيعلق بمعدته ويغري مَا بَين غضونها فَلَا يدخلهَا غذَاء وَلَا دَوَاء إِلَّا زلق
وانصرفنا وَلم يعده سلمويه وَلَا عدته فَمَا بَات حَتَّى توفّي
قَالَ يُوسُف وصحبت بعد وَفَاة أبي إِسْحَق أَبَا دلف
فصحبته وَقد كَانَ مبطونا قبل صحبتي إِيَّاه بِخَمْسَة عشر شهرا
وَكَانَ مجْلِس أبي دلف مجمعا للمتطببين لِأَنَّهُ كَانَ مَعَه من المرتزقة جمَاعَة مِنْهُم يُوسُف بن صليبا وَسليمَان بن داؤد بن بَابَانِ ويوسف الْقصير الْبَصْرِيّ وَلَا أحفظ نسبه وبولس بن حنون متطبب فلسطين وختن كَانَ لَهُ من اللَّجْلَاج وَالْحسن بن صَالح بن بهلة الْهِنْدِيّ
وَكَانَ يحضر مَجْلِسه من المتطببين غير المرتزقين جمَاعَة فَرُبمَا اجْتمع فِي مَجْلِسه مِنْهُم عشرُون رجلا فَكَانُوا على سَبِيل اخْتِلَاف فِي أصل علته فبعضهم كَانَ يرى أَن يسْقِيه الدرياق وَبَعْضهمْ كَانَ يرى أَن يعالجه بالأدوية الَّتِي يَقع فِيهَا الأبيون مثل المتروديطوس وَغَيره
وَكلهمْ كَانَ مجمعا على معالجته بالحمية وبالقيء فِي كل بضع عشرَة لَيْلَة لِأَنَّهُ كَانَ مَتى تقيأ صلحت حَاله ثَلَاثَة أَيَّام أَو نَحْوهَا
فأقمت مَعَه عشرَة أشهر لَا أذكر أَنِّي تشاغلت فِي يَوْم مِنْهَا بِأَمْر من أُمُور الْأَعْمَال الَّتِي أتقلدها
فَسلمت من رَسُول لَهُ يستنهضني للمسير إِلَيْهِ وللنظر فِيمَا بَين المتطببين من الِاخْتِلَاف