للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الشَّهْر الْمَعْرُوف بآب وَهُوَ شهر شَدِيد الْحر كثير الرمد فَكَانَ الطاووس كلما اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحر صَاح فأنبه دانيل وَهُوَ فِي ثِيَاب صوف من ثِيَاب الرهبان فطرده مَرَّات فَلم ينفع ذَلِك فِيهِ ثمَّ رفع مرزبته فَضرب بهَا رَأس الطاووس فَوَقع مَيتا

واستتر الْخَبَر عَن يوحنا إِلَى أَن ركب وَرجع فصادف عِنْد مُنْصَرفه طاووسه مَيتا على بَاب دَاره فَأقبل يقذف بالحدود من قَتله

فَخرج إِلَيْهِ دانيل فَقَالَ لَا تَشْتُم من قَتله فَإِنِّي أَنا قتلته وَلَك عَليّ مَكَانَهُ عدَّة طواويس

فَقَالَ لَهُ يوحنا بحضرتي لَيْسَ يُعجبنِي رَاهِب لَهُ سَنَام وَطول ذكر

إِلَّا أَنه قَالَ ذَلِك بفحش

فَقَالَ لَهُ دانيل وَكَذَلِكَ لَيْسَ يُعجبنِي شماس لَهُ عدَّة نسَاء وَاسم رئيسة نِسَائِهِ قَرَاطِيس وَهُوَ اسْم رومي لَا عَرَبِيّ

وَمعنى قَرَاطِيس عِنْد الرّوم القرنانة وَلَيْسَ تكون الْمَرْأَة قرنانة حَتَّى تنْكح غير بَعْلهَا

فَخَجِلَ يوحنا وَدخل منزلَة مَفْعُولا

قَالَ يُوسُف وحَدثني بِمصْر أَحْمد بن هرون الشرابي أَن المتَوَكل على الله حَدثهُ فِي خلَافَة الواثق أَن يوحنا بن ماسويه كَانَ مَعَ الواثق على دكان كَانَ للواثق فِي دجلة وَمَعَ الواثق قَصَبَة فِيهَا شص وَقد أَلْقَاهَا فِي دجلة ليصيد بهَا السّمك فَحرم الصَّيْد فَالْتَفت إِلَى يوحنا وَكَانَ على يَمِينه فَقَالَ قُم يَا مشؤوم عَن يَمِيني

فَقَالَ لَهُ يوحنا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تَتَكَلَّم بمحال يوحنا بن ماسويه الخوزي وَأمه رِسَالَة الصقلبية المبتاعة بثمانمائة دِرْهَم أَقبلت بِهِ السَّعَادَة إِلَى أَن صَار نديم الْخُلَفَاء وسميرهم وعشيرهم وَحَتَّى غمرته الدُّنْيَا فنال مِنْهَا مَا لم يبلغهُ أمله

فَمن أعظم محَال أَن يكون هَذَا مشؤوما وَلَكِن إِن أحب أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أخبرهُ بالمشؤوم من هُوَ أخْبرته

فَقَالَ وَمن هُوَ فَقَالَ من وَلدته أَربع خلفاء ثمَّ سَاق الله إِلَيْهِ الْخلَافَة فَترك خِلَافَته وقصورها وبساتينها وَقعد فِي دكان مِقْدَار عشْرين ذِرَاعا فِي مثلهَا فِي وسط دجلة لَا يَأْمَن عصف الرّيح عَلَيْهِ فيغرقه

ثمَّ تشبه بأفقر قوم فِي الدُّنْيَا وشرهم وهم صيادو السّمك

قَالَ لي أَحْمد بن هرون قَالَ لي المتَوَكل فَرَأَيْت الْكَلَام قد أنجع فِيهِ إِلَّا أَنه أمسك لمكاني

قَالَ يُوسُف وحَدثني أَحْمد بن هرون أَن الواثق قَالَ فِي هَذَا ليوحنا وَهُوَ على هَذِه الدّكان يَا يوحنا أَلا أعْجبك من خلة قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ إِن الصياد ليطلب السّمك مِقْدَار سَاعَة فيصيد من السَّمَكَة مَا تَسَاوِي الدِّينَار أَو مَا أشبه ذَلِك

وَأَنا أقعد مذ غدْوَة إِلَى اللَّيْل فَلَا أصيد مَا يُسَاوِي درهما

فَقَالَ لَهُ يوحنا وضع أَمِير الْمُؤمنِينَ التَّعَجُّب فِي غير مَوْضِعه إِن رزق الصياد من صيد السّمك فرزقه يَأْتِيهِ لِأَنَّهُ قوته وقوت عِيَاله ورزق أَمِير الْمُؤمنِينَ بالخلافة فَهُوَ غَنِي عَن أَن يرْزق بِشَيْء من السّمك وَلَو كَانَ رزقه جعل فِي الصَّيْد لوافاه رزقه مِنْهُ مثل مَا يوافي الصياد

قَالَ يُوسُف وحَدثني إِبْرَاهِيم بن عَليّ متطبب أَحْمد بن طولون أَنه كَانَ فِي دهليز يوحنا بن ماسويه

<<  <   >  >>