عشرَة وثلثمائة قلدني الْوَزير الخاقاني البيمارستان الَّذِي اتَّخذهُ ابْن الْفُرَات بدرب الْمفضل
وَقَالَ أَيْضا فِي تَارِيخه أَنه لما سلم أَبُو عَليّ بن مقلة إِلَى الْوَزير أبي عَليّ عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى من جِهَة الراضي بِاللَّه فِي سنة أَربع وَعشْرين وثلمثائة حمله إِلَى دَاره فِي يَوْم الْخَمِيس لثلاث لَيَال خلون من جُمَادَى الْآخِرَة وَضرب أَبُو عَليّ بن مقلة بالمقارع فِي دَار الْوَزير عبد الرَّحْمَن وَأخذ خطه بِأَلف ألف دِينَار
وَكَانَ الَّذِي تولى ذَلِك مِنْهُ بنان الْكَبِير من الحجرية
ثمَّ سلم إِلَى أبي الْعَبَّاس الحصيني ووكل بِهِ ماكرد وبنان الْكَبِير ورد الحصيني مناظرته إِلَى أبي الْقَاسِم عبيد الله بن عبد الله الإسكافي الْمَعْرُوف بِأبي نعرة ومطالبته إِلَى الدستواني
فجرت عَلَيْهِ مِنْهُ من المكاره وَالتَّعْلِيق وَالضَّرْب والدهق أَمر عَظِيم
وَالَّذِي شاهدت أَنا من أمره أَن أَبَا الْعَبَّاس الحصيني كلفني يَوْمًا الدُّخُول إِلَيْهِ لمعْرِفَة خَبره من شَيْء تشكاه وَقَالَ إِن كَانَ يحْتَاج إِلَى الفصد فَتقدم إِلَى من يفصده بحضرتك
فَدخلت إِلَيْهِ فَوَجَدته مطروحا على حَصِير خلق على بَارِية ومخدة وسخة خليعة تَحت رَأسه وَهُوَ عُرْيَان بسراويل
فَوجدت بدنه من رَأسه إِلَى أَطْرَاف أَصَابِع رجلَيْهِ كلون الباذنجان سَوَاء لَيْسَ مِنْهُ عقد سليم
وَوجدت بِهِ ضيق نفس شَدِيد
لِأَن الدستواني كَانَ قد دهق صَدره فَعرفت الحصيني أَنه شَدِيد الْحَاجة إِلَى الفصد
فَقَالَ لي يحْتَاج أَن يلْحقهُ كد فِي الْمُطَالبَة فَكيف نعمل بِهِ قلت لَا أَدْرِي إِلَّا أَنه أَن ترك وَلم يفصد مَاتَ وَإِن فصد ولحقه مَكْرُوه بعده تلف فَقَالَ لأبي الْقَاسِم بن أبي نعرة الإسكافي ادخل إِلَيْهِ وَقل لَهُ إِن كنت تظن أَنه يلحقك ترفيه إِذا افتصدت فبئس مَا تظن
فافتقصد وضع فِي نَفسك أَن الْمُطَالبَة لابد مِنْهَا ثمَّ قَالَ لي أحب أَن تدخل إِلَيْهِ مَعَه
فاستعفيته من ذَلِك فَلم يعفني فَدخلت مَعَه وَأدّى الرسَالَة بحضرتي
فَقَالَ إِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فلست أُرِيد أَن افتصد وَأَنا بَين يَدي الله فعدنا إِلَيْهِ وعرفناه مَا قَالَ فَقَالَ لي أَي شَيْء عنْدك وَمَا الَّذِي ترى قلت الَّذِي أرى أَن يفصد وَإِن يرفه
فَقَالَ افْعَل
فعدت إِلَيْهِ وفصد بحضرتي ورفه يَوْمه وخف مَا بِهِ ويتوقع الْمَكْرُوه من غَد وَهُوَ برعب طَائِر الْعقل
فاتفق سَبَب للحصيني أحوجه إِلَى الاستتار فِي ذَلِك الْيَوْم
وَبَقِي ابْن مقلة مرفها لَيْسَ أحد يُطَالِبهُ وَكفى أَمر عدوه من حَيْثُ لم يحْتَسب وَرجعت نَفسه إِلَيْهِ
وَحضر ابْن فراية فضمن مَا عَلَيْهِ وتسلمه وَقد كَانَ أدّى قبل ذَلِك إِلَى الحصيني نيفا وَخمسين ألف دِينَار وَأشْهد عَلَيْهِ الْعُدُول بِأَنَّهُ قد بَاعَ جَمِيع ضيَاعه وضياع أَوْلَاده وأسبابه من السُّلْطَان
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من كِتَابه هَذَا أَنه لما قطعت يَد ابْن مقلة استدعاني الراضي بِاللَّه فِي آخر