إِلَى الدَّار وَلَا يمْنَع لكَونه طَبِيب الْخدمَة
فَاسْتَحْضرهُ الْخَلِيفَة لَيْلًا وَقَالَ لَهُ يَا حَكِيم عِنْدِي من أكره رُؤْيَته وَأُرِيد إبعاده بِوَجْه لطيف غير شَفِيع فَقَالَ لَهُ نرتب لَهُ شربة قَوِيَّة بَالِغَة يشْربهَا وَقد حصل الْخَلَاص مِنْهُ كَمَا تُؤثر
فَمضى وَركب شربة كَمَا وصف وأحضرها لَيْلًا وَدخل بهَا إِلَى عِنْد الْخَلِيفَة فَفَتحهَا وَنظر إِلَيْهَا وَقَالَ يَا حَكِيم استف هَذِه الشربة حَتَّى نجرب فعلهَا فتلوى من ذَلِك وَقَالَ الله الله يَا مَوْلَانَا فِي فَقَالَ لَهُ الطَّبِيب مَتى تعدى حَده وَتجَاوز طوره وَقع فِي مثل هَذَا وَلَيْسَ لَك من هَذَا خلاص إِلَّا السَّيْف
فاستف الْحَكِيم الشربة الَّتِي ركبهَا وفر من الْهَلَاك إِلَى الْهَلَاك
ثمَّ خرج من دَار الْخَلِيفَة وَكتب إِلَى الْأَمِير قطب الدّين يشعره بِالْحَال وَيَقُول لَهُ والانتقال من أَمْرِي إِلَى أَمركُم
ثمَّ هلك
وَأما قطب الدّين فعزم أَن يُوقع بالخليفة فَرد الله سُبْحَانَهُ كَيده إِلَيْهِ ونهبت أَمْوَاله وهرب من بَغْدَاد بِنَفسِهِ وَمضى إِلَى الشَّام إِلَى الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين فَلم يقبله
وَعَاد على طَرِيق الْبَريَّة إِلَى الْموصل فَمَرض فِي الطَّرِيق ثمَّ دخل الْموصل فَمَاتَ بهَا
أَقُول وضد هَذِه الْحِكَايَة مَا حَدثنِي بِهِ شمس الدّين مُحَمَّد بن الْحسن بن الْكَرِيم الْبَغْدَادِيّ عَن بعض الْمَشَايِخ بِبَغْدَاد قَالَ
كَانَ السُّلْطَان مُحَمَّد بن مَحْمُود خوارزمشاه قد حضر بَغْدَاد فِي سنة وَخَمْسمِائة فَمَرض وَهُوَ بعسكره ظَاهر الْبَلَد وَمرض الْخَلِيفَة المقتفي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن المستظهر بِبَغْدَاد فانفذ السُّلْطَان يلْتَمس الرئيس أَمِين الدولة بن التلميذ فَاخْرُج إِلَى ظَاهر الْمَدِينَة فَكَانَ يداويه بِظَاهِر بَغْدَاد ويداوي الْخَلِيفَة بِبَغْدَاد فَقَالَ لَهُ وَزِير السُّلْطَان أَيهَا الرئيس إِنَّنِي قد كنت عِنْد السُّلْطَان وَذكرت لَهُ من فضلك وأدبك ورآستك
وَقد أَمر لَك بِعشْرَة آلَاف دِينَار
فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا قد أَمر لي من بَغْدَاد بأثني عشر ألف دِينَار أفيأذن لي فِي قبُولهَا السُّلْطَان يَا مَوْلَانَا أَنا رجل طَبِيب لَا أتجاوز وظائف الْأَطِبَّاء وَمَا يلْزمهُم وَلَا أعرف إِلَّا مَاء الشّعير والنقوع وشراب البنفسج والنيلوفر وَمَتى أخرجت عَن هَذَا لَا أعرف شَيْئا
وَكَانَ الْوَزير قد عرض لَهُ فِي حَدِيثه بِمَا مَعْنَاهُ أَنه يدبر فِي إِتْلَاف الْخَلِيفَة وَقدر الله سُبْحَانَهُ برْء الْخَلِيفَة وَالسُّلْطَان وَوَقع الصُّلْح بَينهمَا على مَا اقترحه الْخَلِيفَة
وَهَذَا كَانَ من عقل الرئيس أَمِين الدولة وَدينه وأمانته فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول لَا يَنْبَغِي للطبيب أَن يداخل الْمُلُوك فِي أسرارهم وَلَا يتَجَاوَز كَمَا