خرمين صَاحب هراة فَسلم وَأمره الشَّيْخ بِالْجُلُوسِ قَرِيبا مِنْهُ
وَجَاء إِلَيْهِ أَيْضا السُّلْطَان مَحْمُود ابْن أُخْت شهَاب الدّين الغوري صَاحب فَيْرُوز كوه فَسلم وَأَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخ بِالْجُلُوسِ فِي مَوضِع آخر قَرِيبا مِنْهُ من النَّاحِيَة الْأُخْرَى
وَتكلم الشَّيْخ فِي النَّفس بِكَلَام عَظِيم وفصاحة بليغة
قَالَ وبينما نَحن فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِذا بحمامة فِي دائر الْجَامِع ووراءها صقر يكَاد أَن يقتنصها وَهِي تطير فِي جوانبه إِلَى أَن أعيت فَدخلت الإيوان الَّذِي فِيهِ الشَّيْخ وَمَرَّتْ طائرة بَين الصفين إِلَى أَن رمت بِنَفسِهَا عِنْده وبخت فَذكر لي شرف الدّين بن عنين أَنه عمل شعرًا على البديه
ثمَّ نَهَضَ لوقته واستأذنه فِي أَن يُورد شَيْئا قد قَالَه فِي الْمَعْنى فَأمره الشَّيْخ بذلك فَقَالَ
(جَاءَت سُلَيْمَان الزَّمَان بشجوها ... وَالْمَوْت يلمع من جناحي خاطف)
(من نبأ الورقاء أَن محلكم ... حرز وَأَنَّك ملْجأ للخائف) الْكَامِل
فطرب لَهَا الشَّيْخ فَخر الدّين واستدناه وَأَجْلسهُ قَرِيبا مِنْهُ وَبعث إِلَيْهِ بعد مَا قَامَ من مَجْلِسه خلعة كَامِلَة ودنانير كَثِيرَة وَبَقِي دَائِما محسنا إِلَيْهِ
قَالَ لي شمس الدّين الوتار لم ينشد قدامي لِابْنِ خطيب الرّيّ سوى هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَإِنَّمَا بعد ذَلِك زَاد فِيهَا أبياتا أخر
هَذَا قَوْله وَقد وجدت الأبيات المزادة فِي ديوانه على هَذَا الْمِثَال
(يَا ابْن الْكِرَام المطعمين إِذا اسْتَوَى ... فِي كل مَخْمَصَة وثلج خاشف)
(العاصمين إِذا النُّفُوس تطايرت ... بَين الصوارم والوشيج الراعف)
(من نبأ الورقاء أَن محلكم ... حرم وَإنَّك ملْجأ للخائف)
(وفدت إِلَيْك وَقد تدانى حتفها ... فحبوتها ببقائها المستأنف)
(وَلَو أَنَّهَا تحبى بِمَال لانثنت ... من راحتيك بنائل متضاعف)
(جَاءَت سُلَيْمَان الزَّمَان بشجوها ... وَالْمَوْت يلمع من جناحي خَائِف)
(قرم لواه الْقُوت حَتَّى ظله ... بإزائه يجْرِي بقلب راجف) الْكَامِل