غَيْرِي وَأَنا رب الْفرج الْمُسْتَحق لَهُ وتنكحها من لَا تحل لَهُ وَالله الله أَن تخرجني من نعمتي وَلم يلْزَمنِي حنث وَالله الله إِن تدفن ابْن عمك حَيا فوَاللَّه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا مَاتَ فَأطلق لي الدُّخُول عَلَيْهِ وَالنَّظَر إِلَيْهِ وهتف بِهَذَا القَوْل مَرَّات فَأذن لَهُ بِالدُّخُولِ على إِبْرَاهِيم وَحده
قَالَ أَحْمد قَالَ لي أَبُو سَلمَة فأقبلنا نسْمع صَوت ضرب بدن بكف ثمَّ انْقَطع عَنَّا ذَلِك الصَّوْت ثمَّ سمعنَا تَكْبِيرا فَخرج إِلَيْنَا صَالح وَهُوَ يكبر ثمَّ قَالَ قُم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى أريك عجبا
فَدخل إِلَيْهِ الرشيد وَأَنا ومسرور الْكَبِير وَأَبُو سليم مَعَه فَأخْرج صَالح إبرة كَانَت مَعَه فَأدْخلهَا بَين ظفر إِبْهَام يَده الْيُسْرَى ولحمه فجذب إِبْرَاهِيم بن صَالح يَده وردهَا إِلَى بدنه
فَقَالَ صَالح يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَل يحس الْمَيِّت بالوجع فَقَالَ الرشيد لَا فَقَالَ لَهُ صَالح لَو شِئْت أَن يكلم أَمِير الْمُؤمنِينَ السَّاعَة لكلمه
فَقَالَ لَهُ الرشيد فَأَنا أَسأَلك أَن تفعل ذَلِك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخَاف أَن عالجته وأفاق وَهُوَ فِي كفن فِيهِ رَائِحَة الحنوط أَن ينصدع قلبه فَيَمُوت موتا حَقِيقِيًّا فَلَا يكون لي فِي إحيائه حِيلَة وَلَكِن يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تَأمر بتجريده من الْكَفَن ورده إِلَى المغتسل وإعادة الْغسْل عَلَيْهِ حَتَّى تَزُول رَائِحَة الحنوط عَنهُ ثمَّ يلبس مثل ثِيَابه الَّتِي كَانَ يلبسهَا فِي حَال صِحَّته وعلته ويطيب بِمثل ذَلِك الطّيب ويحول إِلَى فرَاش من فرشه الَّتِي كَانَ يجلس وينام عَلَيْهَا حَتَّى أعَالجهُ بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ يكلمهُ من سَاعَته
قَالَ أَحْمد قَالَ أَبُو سَلمَة فوكلني الرشيد بِالْعَمَلِ بِمَا حَده صَالح فَفعلت ذَلِك
ثمَّ صَار الرشيد وَأَنا مَعَه ومسرور وَأَبُو سليم وَصَالح إِلَى الْموضع الَّذِي فِيهِ إِبْرَاهِيم ودعا صَالح بن بهلة بكندس ومنفخة من الخزانة وَنفخ من الكندس فِي أَنفه فَمَكثَ مِقْدَار ثلث سَاعَة ثمَّ اضْطربَ بدنه وعطس وَجلسَ قُدَّام الرشيد وَقبل يَده وَسَأَلَهُ عَن قصَّته فَذكر أَنه كَانَ نَائِما نوما لَا يذكر أَنه نَام مثله قطّ طيبا إِلَّا أَنه رأى فِي مَنَامه كَلْبا قد أَهْوى إِلَيْهِ فتوقاه بِيَدِهِ فعض إِبْهَام يَده الْيُسْرَى عضة انتبه وَهُوَ يحس وجعها وَأرَاهُ إبهامه الَّتِي كَانَ صَالح أَدخل فِيهَا الإبرة
وعاش إِبْرَاهِيم بعد ذَلِك دهرا ثمَّ تزوج العباسة بنت الْمهْدي وَولي مصر وفلسطين وَتُوفِّي بِمصْر وقبره بهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute