وَأخذ عَنهُ فَوَائِد وجملا كَثِيرَة مِمَّا يعرفهُ
وَقد ذكر التَّمِيمِي فِي كِتَابه مَادَّة الْبَقَاء صفة سفوف الرجفان الْحَادِث عَن الْمرة السَّوْدَاء الْمُحْتَرِقَة وَذكر أَنه نقل ذَلِك عَن أنبا زخريا
وَقَالَ الصاحب جمال الدّين بن القفطي القَاضِي الأكرم فِي كتاب أَخْبَار الْعلمَاء بأخبار الْحُكَمَاء أَن التَّمِيمِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد كَانَ جده سعيد طَبِيبا وَصَحب أَحْمد بن أبي يَعْقُوب مولى ولد الْعَبَّاس وَكَانَ مُحَمَّد من الْبَيْت الْمُقَدّس وَقَرَأَ علم الطِّبّ بِهِ وَبِغَيْرِهِ من المدن الَّتِي ارتحل إِلَيْهَا واستفاد من هَذَا الشَّأْن جُزْءا متوفرا وَأحكم مَا علمه مِنْهُ غَايَة الْأَحْكَام
وَكَانَ لَهُ غرام وعناية تَامَّة فِي تركيب الْأَدْوِيَة وَحسن اخْتِيَار فِي تأليفها وَعِنْده غوص على أُمُور هَذَا النَّوْع واستغراق فِي طلب غوامضه
وَهُوَ الَّذِي أكمل الترياق الْفَارُوق بِمَا زَاده فِيهِ من الْمُفْردَات وَذَلِكَ بِإِجْمَاع الْأَطِبَّاء على أَنه الَّذِي أكمله
وَله فِي الترياق عدَّة تصانيف مَا بَين كَبِير ومتوسط وصغير
وَقد كَانَ مُخْتَصًّا بالْحسنِ بن عبد الله بن طغج المستولي على مَدِينَة الرملة وَمَا انضاف إِلَيْهَا من الْبِلَاد الساحلية وَكَانَ مغرما بِهِ وَبِمَا يعالجه من الْمُفْردَات والمركبات
وَعمل لَهُ عدَّة معاجين ولخالخ طبية ودخنا دافعة للوباء وسطر ذَلِك فِي أثْنَاء مصنفاته
ثمَّ أدْرك الدولة العلوية عِنْد دُخُولهَا إِلَى الديار المصرية وَصَحب الْوَزير يَعْقُوب بن كلس وَزِير الْمعز والعزيز وصنف لَهُ كتابا كَبِيرا فِي عدَّة مجلدات سَمَّاهُ مَادَّة الْبَقَاء بإصلاح فَسَاد الْهَوَاء والتحزر من ضَرَر الأوباء وكل ذَلِك بِالْقَاهِرَةِ المعزية
وَلَقي الْأَطِبَّاء بِمصْر وناظرهم وَاخْتَلَطَ بأطباء الْخَاص القادمين من أهل الْمغرب فِي صُحْبَة الْمعز عِنْد قدومه والمقيمين بِمصْر من أَهلهَا
قَالَ وَحكى مُحَمَّد التَّمِيمِي خَبرا عَن وَلَده وَهُوَ قَالَ حَدثنِي وَالِدي رَضِي الله عَنهُ أَنه سكر مرّة سكرا مفرطا غلب فِيهِ على عقله فَسقط فِي بعض الْخَانَات من مَوضِع عَال من أَسْفَل الخان وَهُوَ لَا يعقل فَحَمله صَاحب الخان وخدمه حَتَّى أدخلهُ إِلَى الْحُجْرَة الَّتِي كَانَ ساكنها
فَلَمَّا أصبح قَامَ وَهُوَ يجد وجعا ووهنا فِي مَوَاضِع من جسده وَلَا يعرف لذَلِك سَببا فَركب وَتصرف فِي بعض أُمُوره إِلَى أَن تَعَالَى النَّهَار ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لصَاحب الخان إِنِّي أجد فِي جَسَدِي وجعا وتوهنا شَدِيدا لست أَدْرِي مَا سَببه فَقَالَ لَهُ صَاحب الخان يَنْبَغِي أَن تحمد الله على سلامتك
قَالَ مِم ذَا قَالَ أَو مَا علمت مَا نالك البارحة قَالَ لَا
قَالَ فَإنَّك سَقَطت من أَعلَى الخان إِلَى أَسْفَل وَأَنت سَكرَان
لقَالَ وَمن أَي مَوضِع فأره الْموضع فَلَمَّا رَآهُ حدث بِهِ للْوَقْت من الوجع والضربان مَا لم يجد مَعَه سَبِيلا إِلَى الصَّبْر وَأَقْبل يضج ويتأوه إِلَى أَن جَاءُوهُ بطبيب ففصده وَشد على مفاصله المتوهنة جبارا فَأَقَامَ أَيَّامًا كَثِيرَة إِلَى أَن برأَ وَذهب عَنهُ الوجع
أَقُول وَمِمَّا يُنَاسب هَذِه الْحِكَايَة أَن بعض التُّجَّار كَانَ فِي بعض أَسْفَاره فِي مغارة وَمَعَهُ رفْقَة لَهُ فَنَامَ فِي منزلَة نزلها فِي الطَّرِيق ورفقته جُلُوس فَخرجت حَيَّة من بعض النواحي وصادفت رجله