للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَخذه بالشبة فَقَالَ نعم

قَالَ هاته إِلَيّ

فَحَمله الْملك الْكَامِل وَوَضعه بَين يَدَيْهِ فمسك بِيَدِهِ وتحدث مَعَ مَعَه حدليناطويلا

ثمَّ الْتفت إِلَى وَالِده وَقد كَانَ قَائِما فِي خدمته مَعَ جملَة الْقيام وَقَالَ لَهُ ولدك هَذَا ولد ذكي لَا تعلمه الجندية فالأجناد عندنَا كَثِيرُونَ وَأَنْتُم بَيت مبارك وَقد استبركنا بطبكم تسيره إِلَى الْحَكِيم أبي سعيد إِلَى دمشق ليقرئه الطِّبّ

فامتثل وَالِده الْأَمر وجهزه وسيره إِلَى دمشق أَقَامَ فِيهَا مُدَّة سنة كَامِلَة حفظ فِيهَا كتاب الْفُصُول لأبقراط وتقدمة الْمعرفَة

ثمَّ وصل إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَخَمْسمِائة وَلم يزل مُقيما بهَا

وخدم بصناعة الطِّبّ الْملك الْكَامِل وَكَانَ كثير الاحترام لَهُ حظيا عِنْده وَله مِنْهُ الْإِحْسَان الْكثير والإنعام الْمُتَّصِل وَله خبز بالديار المصرية

وَهُوَ الَّذِي كَانَ مقطعا باسم عَمه موفق الدّين أبي شَاكر فَإِنَّهُ لما توفّي أَبُو شَاكر جعل الْملك الْكَامِل هَذَا الْخبز باسم رشيد الدّين الْمَذْكُور وَهُوَ نصف بلد يعرف بالعزيزية والخربة من أَعمال الشرقية

وَلم يزل فِي خدمَة الْملك الْكَامِل إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله

ثمَّ خدم بعده وَلَده الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب إِلَى أَن توفّي الْملك الصَّالح رَحمَه الله وخدم أَيْضا ولد الْملك الصَّالح بعد ذَلِك وَهُوَ الْملك الْمُعظم ترنشاه

وَلما قتل رَحمَه الله وَذَلِكَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع وَعشْرين الْمحرم سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَجَاءَت دولة التّرْك واستولوا على الْبِلَاد واحتووا على الممالك صَار فِي خدمتهم وأجروه على مَا كَانَ باسمه

ثمَّ خدم مِنْهُم الْملك الظَّاهِر ركن الدّين بيبرس الْملك الصَّالح وَبَقِي فِي خدمته على عَادَته المستمرة وقاعدته المستقرة وَله مِنْهُ الاحترام التَّام وجزيل الإنعام وَالْإِكْرَام

وللحكيم رشيد الدّين أبي حليقة نَوَادِر فِي أَعمال صناعَة الطِّبّ وحكايات كَثِيرَة تميز بهَا على غَيره من جمَاعَة الْأَطِبَّاء

من ذَلِك أَنه مَرضت دَار من بعض الآدر السُّلْطَانِيَّة بالعباسية وَكَانَ من سيرته مَعَه أَن لَا يُشْرك مَعَه طَبِيبا فِي مداواته وَفِي مداواة من يعز عَلَيْهِ من دوره وَأَوْلَاده فباشر مداواة الْمَرِيضَة الْمَذْكُورَة أَيَّامًا قَلَائِل ثمَّ حصل لَهُ شغل ضَرُورِيّ أَلْجَأَهُ إِلَى ترك الْمَرِيضَة وَدخل الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا

ثمَّ خرج إِلَى العباسية فَوجدَ الْمَرِيضَة قد تولى مداواتها الْأَطِبَّاء الَّذين فِي الْخدمَة

فَلَمَّا حضر وباشر مَعَهم قَالُوا لَهُ هَذِه الْمَرِيضَة تَمُوت والمصلحة أَن نعلم السُّلْطَان بذلك قبل أَن يفاجئه أمرهَا بَغْتَة

فَقَالَ لَهُم إِن هَذِه الْمَرِيضَة عِنْدِي مَا هِيَ فِي مرضة الْمَوْت وَأَنَّهَا تعافى بِمَشِيئَة الله تَعَالَى من هَذِه المرضة

فَقَالَ لَهُ أحدهم وَهُوَ أكبرهم سنا وَكَانَ الْحَكِيم الْمَذْكُور شَابًّا إِنَّنِي أكبر مِنْك وَقد باشرت من المرضى أَكثر مِنْك فتوافقني على كِتَابَة هَذِه الرقعة فَلم يُوَافقهُ

فَقَالَت جمَاعَة الْحُكَمَاء لَا بُد لنا من المطالعة فَقَالَ لَهُم إِن كَانَ لَا بُد لكم من هَذِه المطالعة فَيكون بأسمائكم من دوني

فَكتب إِلَيْهِ الْأَطِبَّاء بموتها فسير إِلَيْهِم رَسُولا وَمَعَهُ نجار ليعْمَل لَهَا تابوتا تحمل فِيهِ

وَلما وصل الرَّسُول

<<  <   >  >>